وبلغ من سخف الغلاة منهم في هذا الباب أنهم يسمحون للمرأة بالإجهاض ولا يرون فيه وجهاً للعقاب، لأن الرجال والنساء متساوون
وأنت تسأل: وما شأن هذه المساواة في إباحة الإجهاض؟ فيقولون لك نعم؛ إن الرجل لا يكرهه أحد على إنتاج النسل فلماذا يفرض على المرأة أن تحمل على غير إرادتها؟
حقارة في التفكير هنا لا تقل عن الحقارة في الشعور، لأن هؤلاء الشيوعيين ينسون أساس مذهبهم وهم يلغطون بهذا اللغو السخيف: ينسون أن مذهبهم كله قائم على تغليب المجتمع على حرية الفرد في تصرفاته العامة. فكيف يتفق مع هذا المذهب أن تكون حرية الفرد غالبة حتى على حفظ النوع وتجديد الحياة؟
وليس هذا كل ما هنالك من حقارة التفكير وحقارة الشعور، لأن القياس العقلي معدوم هنا لا يستند إلى برهان. إذ الإكراه وعدم الإكراه إنما يكونان في دور الإرادة والرغبة ولا يكونان بعد خلق الجنين ووجود هذه الحياة الجديدة. والمرأة تستطيع كما يستطيع الرجل أن تمتنع عن العلاقة الجنسية فلا فرق في هذا بين الرجال والنساء، ولكن المسألة إذا وصلت إلى جنين يخلق وحياة جديدة تظهر فلا الرجل ولا المرأة يملك هنا أن يريد أمام إرادة الحياة وأمام القانون الطبيعي والقانون الإنساني اللذين يحميان كل حياة
وهكذا تلتقي في كثير من الآراء الماركسية حقارة الفكر وحقارة الشعور
وهكذا ينبغي أن نحرس عقول الشبان ونفوسهم من هذه الحقارة في شعورهم وهذه الحقارة في تفكيرهم، وأن نضع أيديهم على موطن الداء الذي ليس به كثير خفاء
وموطن الداء فيما نعتقد إنما هو الكسل والحسد
وصدق (فرويد) وأصحابه حين قالوا إن المرتبة الأولى من مراتب الشقاء في العقد النفسية إنما هي كشف العلة الحقيقية لعين المريض المصاب بها
والعلة الخفية التي تجنح ببعض الشبان عندنا إلى التفكير الشيوعي هي أنهم يحسدون وأنهم يكسلون، وأنهم يريدون من المجتمع أن يعطيهم جميع حظوظ الحياة؛ ويخيل إليهم أن المجتمع الشيوعي كفيل بتحقيق هذا المطلب، وإذا لم يكن كفيلاً بتحقيقه
فاقتلوني ومالكا ... واقتلوا مالكا معي
على حد قول الشاعر العربي، أو (عليَّ وعلى أعدائك يا رب) كما قال شمشون الجبار