يجعل من هذا الولد وريثا شرعياً له مستجيباً في ذلك لتلك الفتوى الفجة المبسترة التي أفتاه بها القاضي (بكار)؟؟
قد يفسر الأستاذ المؤلف موقف عبد التواب هذا بأنه يكفر عن سيئته التي ارتكب، وبأنه يشعر في قرارة نفسه بأنه سبب هذه الجنيات جميعها التي تمخضت عنها جنايته الأولى، وأنا لا أنكر على الأستاذ المؤلف أن لهذا بعض الثر في موقف عبد التواب ولكني أنكر أن يكون الثر نشازاً بعيداً كهذا عن طبيعة الإنسانية التي من أشد غرائزها وأقواها الغيرة على العرض، والحقد على ثمرة زلة المرأة والنفور الشديد منه، وإذا كان الإنسان - الإنسان أيا كان - يضيق بولد المرأة من زوجها السابق وهو حلال، فكيف به مع ولدها من فجورها وهو حرام؟
الحق أن الأستاذ علي أحمد باكثير قد وضع عبد التواب في موضع لا يتفق لإنسان كائناً من كان هذا الإنسان أن يقفه، وجعله في درجة لا تكون إلا للملائكة الأبرار، ومسرحية الأستاذ المؤلف لا تعالج أمور الملائكة وإنما تعالج أمور البشر من أمثالنا الذين يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق!
٢ - ومن الظواهر التي يلمسها القارئ في الرواية ظاهرة أحب أن يتجنبها الأستاذ الصديق ما وسعه جهده، وهي ظاهرة (الترشيح). . فهو يرشح لكل حادثة من الحوادث المقبلة بما ينئ عنها ويكشف عن سيرها قبل أن تقع! فالقارئ يحس منذ الفصل الأول بان السلسلة قد ابتدأت! ويشعر بأنها ستدور على واحد إثر واحد! فأم مستور في الفصل الأول تدعو الله فتقول اللهم يا شديد الانتقام انتقم لي منهم فرداً فرداً، (اللهم لا تمت أحدهم حتى تنكبه في زوجته بمثل ما نكب ابنتي (غيداء!) وتقول بعد ذلك لعبد التواب. . (انتظر! الله هو سينتقم منك وسيكون انتقامه عظيماً) وهذا في الحقيقة تصريح لا ترشيح! ومثله أن تقول أم مستور عن ولدها (مستور) - وهي تعلم أنه المعتدي على عفاف (كوثر) - (إنه سيفترق عن عروسه ولم يمض على زواجها غير أسبوعين! كان الله أراد ان ينتقم لكوثر منه!) فمن أين لها العلم بما ستجري به الأقدار فيما بعد؟ ولست أحصي هذه الظاهرة عدا في هذه المسرحية فهي كثيرة منتشرة في أرجائها، وإنك لتجدها في الأمور الصغيرة والحوادث البسيطة، وفي رأيي أنه يجب على المؤلف المسرحي أن ينأى عن الترشيح تماماً فلا يكون