يزد على أنه كان يزجى فراغ القارئ كما يلعب معه الطاولة أو الكوتشينة!. . .
. . . أريد من الكتاب أن يشفي القارئ مما تتركه القراءة بنفسه من غيظ وثورة وموجدة على الجناة والآثمين، فلا يحل القضايا التي يعرض لها حلاً تهدأ له نفس القارئ وتنسى ما قرأت أو شاهدت، بل أريده على أن يحفر في نفسه أثراً عميقاً، وأن يهيج فيه جرحاً لا يندمل إلا أن تتطهر الحياة وتسلم من الأدران والموبقات. . .
فلو أن الأستاذ علي أحمد باكثير - مثلاً - جعل (عبد التواب) معتدياً على عرض (غيداء) أو جعل (مستور) معتدياً على عرض (كوثر) ثم لم يجعل من كل منها معتدى عليه بعد ذلك، بل أبرز أثر اعتدائه على المجتمع وعلى أشخاص المعتدى عليهم - وهم كثيرون غير غيداء وكوثر كالأزواج والآباء والأمهات - والتمس الوسائل الكثيرة لتهييج الناس عليهم، وإثارة حفيظتهم نحوهم، ومطاردتهم أينما وجدوا، ثم تركهم على هذا النحو، لكان أدعى إلى أن تمتلئ قلوب الناس حقداً وكراهية لكل معتد على الأعراض، وتظل ذاكرتهم تختزن ما فعل (عبد التواب) و (مستور)، أما أن يحاول المؤلف أن يؤكد للقارئ أن المقادير ستفعل بالجاني مثل ما فعل، وستتولى هي أن تجعل المعتدي معتدى عليه لا مناص له من ذلك ولا منجاة، فقد أراح القارئ وسره وأفرحه، وأخلاه من كل مسئولية عن مفاسد هذه الحياة!!
وأريد - بعد هذا - أن أقف مع الصديق المؤلف وقفات قصيرة أناقش معه فيها بعض الأمور: -
١ - فكيف استطاع (عبد الوهاب) - وهو إنسان من لحم ودم وبه غرائز لا سمو الملائكة الأبرار - أقول: كيف استطاع (عبد الوهاب) هذا أن يسمو هذا السمو كله؟ ويتجرد هذا التجرد كله من غرائز البشر؟ فيتسر - أولاً - على زوجته التي حملت من غيره، ويأخذها في رفق وهوادة، أو على الأصح في جمود وبلادة إلى منزله فيها حملها. ثم - ثانيا - يتخذ من وليدها ابنا له، ويقيمه معه في منزله، وما إن يدخل لا منزل كل مرة حتى يحمل بين ذراعيه، ويقبله من وجنتيه، ويقول له: أنت خير من هؤلاء جميعهم أي من أهل البيت جميعاً وفيهم ابنته من صلبه!! ما جعل (أم مستور) لا تملك تفسيراً لهذا إلا بقولها (لعل أهلها سحروه. . لعلهم عملوا سحراً فارتضى هذه الدياثة وسكت عليها)!! ثم - ثالثاً -