يناله أذى أو قصاص! ولكنها نوع من المثالية التي يبغي الأستاذ أن تكون قوام الحياة وهيهات أن تكون!
على أن الناس لو آمنوا بنظرية (كما تدين تدان) أشربتها نفوسهم حقداً وصدقاً، لكان قعودهم عن إيتان الجرائم إنما هو عن يقين منهم بأنها ستحيق بهم عليهم، لا عن إيمان بأن الجريمة في ذاتها شر يجب على الإنسان ذي الخلق القويم أن ينأى بجانبه، ويكف عن ارتكابه، سواء أدى إلى الإضرار بصاحبه أو انتهى إلى إسعاده، فإن السعادة الناجمة عن ارتكاب الجريمة - في نظري ذي الخلق القويم - إنما هي سعادة وحشية ينبغي الترفع عنها واحتقارها. والأستاذ المؤلف يعلم أن الكثير من الجرائم يؤدي إلى سعادة مرتكبيها، وهو يعلم أيضاً أن مصائب قوم عند قوم فوائد!
. . . هذا شيء: وهناك شيء آخر كنت أود أن أقف به طويلاً مع الأستاذ علي أحمد باكثير ومع المؤلفين عام، ولكن هذه الكلمة لا تتسع له ولا تفي به، وسأتناوله فيما أكتب من فصول في انقد، ولكنني أشير هنا إشارة عاجلة. .
ذلك أن المؤلف الذي يخلق في مسرحية من مسرحياته مثلاً، شخصية رجل مجرم، يرتكب في المسرحية جريمة تضطرب لها النفوس وتغضب وتثور، ثم ينزل المؤلف بهذا المجرم ما يستحق من قصاص في نفس المسرحية فأنه بذلك لا يكون قد فعل شيئاً!! إن المؤلف الذي يفعل ذلك يكون قد قام بدور المؤلف والقارئ معا، ولعله يجهل أن للقارئ دوراً هاماً في مؤلفه!! أي أثر يستبقيه المؤلف إلي يفعل ذلك في نفس القارئ وقد أرضاه بهذا القصاص إلي أنزله المجرم فهدأ به ثورته ومحابه وغضبه؟ وجعله يخرج من مشاهدة المسرحية أو من قراءتها سعيداً مسروراً مستريح البال ناسياً كل ما كان؟
يجب أن يفهم المؤلف أن القارئ ليس طرفا في الموضوع فحسب، بل أنه الطرف الأهم الأعم، إن القارئ هو الحياة ومن واجب الكاتب أن يجعل الحياة - أي القراء - تحارب الجريمة وتضطهدها وتعاقبها وتمحقها رويداً رويداً، وبهذا وحده تتطهر الحياة من الشرور والآثام، وبهذا وحده تتطور الحياة وتتقدم، أما أن يجمع الكاتب بين وظيفة الكاتب والقارئ معاً، فلا يترك القارئ إلا بعد أن يجرده من كل عاطفة ومن كل انفعال، فلا سخط ولا إعجاب ولا ثورة ولا غضب ولا شيء من أمثال هذه العواطف،. . . فإن هذا الكتاب لم