وتسير الأيام ويتزوج هذا المعتدي الجديد مستور من فوز شقيقة قاسم المغربي وتضطره الحياة هو الآخر إلى الغياب عنها حيث يستدعي إلى ميدان القتال في حلب، فيمضي إليه مخلفاً عروسه الشابة ولما يمض على زواجها غير أسبوعين ثم يعود هو الآخر كذلك فيجدها حبلى! فما هو إلا أن يمسك بالسكين ويهوي بها على عنقها فيذبحها ذبح الشاة!
تقع هذه الحوادث تباعاً يلاحق بعضها بعضاً، وفي صور متماثلة، وعبد التواب هناك غارق في ندمه واستغفاره وضراعته إلى الله أن يعفو عما جن، حتى كلت قواه، وضعفتن منته، وأحس قرب نهايته، فدعا إليه بأم (غيداء) واعترف لها بجريمته، ثم دعا إليه كذلك بزوجها قاسم المغربي واعترف له كما اعترف لهان وطلب منهما العفو والمغفرة، وألح عليهما في ذلك كثيراً حتى غفرا له وسامحاه، فغفر الله له وسامحه، وانقطعت السلسلة التي كانت متصلة الحلقات بقدرة أحكم الحاكمين، ولولا ذلك لظلت السلسلة متصلة تتناول واحداً من الناس بعد واحد إلى نهاية لا يعلمها إلا علام الغيوب!. .
. . . هذا ملخص المسرحية ولبابها، وهو - كما ترى - بسيط سهل قريب المأخذ، يوشك أن يكون حكاية كتلك الحكايات التي نسمعها في بيوتنا من الآباء والأجداد والعقدة في هذه المسرحية ذات غور ضحل تكاد أن تلمس بيدك، أو قل أنه لا عقدة فيها على الاطلاق. . . ولكن الأستاذ علي أحمد كثير - وهو المؤلف المقتدر والمسرحي البارع - استطاع أن ينفخ في هذه الحوادث البسيطة، وأن ينفث فيها، فحواره ولا شك قوي نابض، وأشخاصه أحياء يتكلمون، وليسوا كلاماً ما يجري على أفواه أشخاص هم أقرب إلى التماثيل المنصوبة كما يفعل الكثير من مؤلفينا الأفاضل، وبهذا استطاع الأستاذ أن يجعل من الحبة - كما يقولون قبة!
وقد بنى الأستاذ مسرحيته على نظرية (كما تدين تدان) ونص على ذلك صراحة، فجعل الجاني في كل مرة مجنياً عليه في المرة التالية، وهكذا انكسرت السلسلة بفضل استغفار (عبد التواب)!
ووجه الرأي عندي أن نظرية (كما تدين تدان) ليست من واقع الحياة في شيء، فليس كل معتد عليه غدا، فقد يسلم المعتدي من كل سوء، وقد يقضي حياته في جرائم متصلة دون أن