وكذلك نجد على وجه العموم مشابهة كثيرة بين الملاحم الهندية والملاحم اليونانية في تصوير الآله والأبطال، (ففينوس) الجميلة المعبودة عند اليونان تقابلها المعبودة (لكمى) عند الهنود ومن الغريب أن كلتيهما قد خلقت من زبد البحر، و (أبولون) إله الوحي والشعر والفنون يقابله (كريشنا) و (إيروس) إله الحب يقابله (كاما) وهكذا نجد لكل إله أو بطل مقابلا في مثل وضعه ووصفه.
وقد يؤدي هذا إلى الاعتقاد بوجود صلة بين الأدبيين، والواقع أن الباحثين في الأدب المقارن لم يستطيعوا أن يصلوا إلى نتيجة حاسمة في هذا الشأن لأن الملاحم الهندية وضعت في القرن التاسع قبل الميلاد، وهو الزمن الذي وضعت فيه الملاحم اليونانية فلم تعرف أسبقية لأيهما بعد، كما لم تكشف صلة في ذلك الزمن بين الهنود واليونان، ولا شك أن عناية الأستاذ وديع البستاني بنقل تلك الملاحم الهندية إلى اللغة العربية سيعين على كشف هذه الحقيقة؛ ولا شك أنه بهذا الجهد الجبار يؤدي خدمة جليلة للآداب العربية، بل للآداب العالمية، وإنها لخدمة تزيد في التقدير والاعتبار عن تلك الخدمة السابقة التي نهض بها عمه الشيخ سليمان البستاني بترجمة الإلياذة إلى العربية، لأن الإلياذة كانت قد نقلت إلى كثير من اللغات الحية في العصر الحديث. أما الملاحم الهندية فأنها لا تزال بلغتها الهندية القديمة.
على أننا في هذا المقام نذكر باحثاً فاضلا بكل خير وهو المغفور له صالح جودت بك، فقد نقل إلى العربية عام ١٩١٢ قصة من تلك الملاحم الهندية وقدم لها بمقدمة أشاد فيها بالآداب الهندية القديمة وأشار إلى ما فيها من مظاهر لا تقل عما هو ملحوظ في آداب اليونان.
انحطاط المجلات المصرية:
بهذا العنوان كتبت مجلة (عالم الغد) العراقية كلمة قالت فيها: (يغمر العراق سيل لا ينقطع من المجلات المصرية الأسبوعية المصورة الرخيصة، وهي ملأى بالميوعة والخلاعة والعامية وسوء الأدب وليس فيها إلا الأدب الرخيص الذي يتنافى وعاداتنا وتقاليدنا ويتنافى ونهضتنا التي يجب أن تقوم على أسس ثقافية متينة وتستند إلى دعائم خلقية قويمة، ولو كانت هذه المجلات تباع بالمئات لغضضنا الطرف عنها ولكنها تباع بالآلاف وتتسلل إلى كل بيت ويقرؤها كل شاب وتتصفحها كل فتاة فلا نستطيع إذن أن نتجاهل تأثيرها في