في منكر تنكره (هذا قضاء من قضاء الله)، لكن عزيمة سبقت منها في اعتزال السياسة والفتن جعلها تمر بهذه الحجة الواهية متغافلة. ومعاوية يعلم ذلك منها، وكلا الاثنين يجامل صاحبه ويدافع شره.
ثم كان لقاء آخر بمكة زور له معاوية جواباً فيه شبه الحجة في قتل حجر وأصحابه.
والذي أذهب إليه أن السيدة لا تريد هذا التأنيب، وإنما تلوح لمعاوية بقضايا قد تلجأ إلى التشنيع بها عليه إذا هو حاول أن يمس أخاها عبد الرحمن وصحبه بأذى أو بطش، ففهم كل منهما عن صاحبه.
وكأن مكانتها رحمها الله قيدت معاوية عن التصرف كما يريد في إحكام الأمر لابنه في الحجاز فمات وفي نفسه غصة من منزلة عائشة بين المسلمين وتخوف لما قد يكون منها.
أما اجتناب السيدة الشدة في إنكار هذا المنكر فيشرحه أحسن شرح حالها في احتضارها:
ذكروا أنها لما احتضرت جزعت، فقيل لها (أتجزعين يا أم المؤمنين وأنت زوجة رسول الله وأم المؤمنين وابنة أبي بكر الصديق؟). فقالت (إن يوم الجمل معترض في حلقي. . . ليتني كنت نسياً منسياً).