- لأني في بيت آمن: بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
فطامن ذلك من عنفها. ثم إنها حمدت الله وأثنت عليه وذكرت رسول الله وذكرت أبا بكر وعمر، وحضته على الاقتداء بهما والاتباع لأثرهما. . . ثم صمتت. وكان على معاوية أن يجيب على خطبتها هذه، ولكنه لم يخطب مخافة إلا يبلغ ما بلغت، فارتجل الحديث ارتجالا في الأمر الذي قدم لأجله، وتلطف في تهوينه وتقريبه، وقال:
- (أنت والله يا أم المؤمنين العالمة بالله وبرسوله. دللتنا على الحق وحضضتنا على حظ أنفسنا، وأنت أهل لأن يطاع أمرك ويسمع قولك، وإن أمر يزيد قضاء من القضاء وليس للعباد الخيرة من أمرهم. وقد أكد الناس بيعتهم في أعناقهم وأعطوا عهودهم على ذلك ومواثيقهم؛ أفترين أن يقضوا عهودهم ومواثيقهم؟؟).
فلما سمعت عائشة ذلك علمت أنه سيمضي أمره فأوصته بهؤلاء المخالفين: أخيها عبد الرحمن وأصحابه فقالت:
- (أما ما ذكرت من عهود ومواثيق فاتق الله في هؤلاء الرهط ولا تعجل فيهم، فلعلهم لا يصنعون إلا ما أحببت).
ثم قام معاوية، فلما قام ذكرت عائشة فعلته الشنعاء في حجر وصحبه، فقرعته قائلة:
فقال معاوية مراوغا:(دعي هذا، كيف أنا في الذي بيني وبينك وفي حوائجك؟).
قالت:(صالح).
قال:(فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا).
وهكذا انتهى اللقاء الأول بين الخليفة الداهية العظيم وعائشة أم المؤمنين، وأصابه بعض ما يستحق من التعنيف على لسان السيدة
ثم خرج معاوية ومعه ذكوان مولى عائشة، فاتكأ على يد ذكوان وهو يمشي ويقول:
(تالله ما رأيت كاليوم خطيباً أبلغ من عائشة بعد رسول الله) ثم مضى. ولا تظنن وأنت تقرا كلام معاوية آنفاً أن فيه حجة أو أن السيدة اقتنعت، فليس مما يقنع مثلها أن يقال لها