وليست هذه المعتقدات بمقصورة على القبائل المتوحشة، بل إن لها أثراً لدى بعض الشعوب المتمدينة. فالإغريق مثلاً يؤمنون ببعضها ويفسحون للخرافة المجال في العاقات الجنسية كما أفسحوا لها في شؤونهم الاجتماعية الأخرى. يروي سوفوكل أن بلاد تيبان أصيبت بالجدب والطاعون تحت حكم أوديب الملك الذي قتل عفواً أباه وتزوج أمه. فأصبحت القرى والحقول قفراء، وأضحى كثير من المدن خراباً يباباً. وأعلن وحي (دلف) أن لا سبيل لرفع هذه الطامة ورد الحياة إلى هذه الأرض الموات إلا بطرد المجرم. وفي شرائع بني إسرائيل ما يؤذن بأن ارتكاب الفحشاء يغير نظام الطبيعة، ويبدل سنة الله في خلقه. يقول أيوب:(الزنا جريمة شنعاء، وخطيئة تستوجب قصاصاً لا مفر منه وناراً تأكل الشحم واللحم وتقضي على الحاصلات كلها). وفي القرن الثالث الميلادي لم تؤت الحقول الأرلندية أكلها، فيما يزعمون، لأن أحد الملوك تزوج بأخته. وما لنا نذهب بعيداً وكثير منا يعتقد أن مرور الزاني بحقل أو وقوفه في بيدر يؤذي ثمره وينقص غلته ويذهب ببركته
أما أخطار الزنا المباشرة وأثره السيئ في مرتكبيه أنفسهم، فيكاد يسلم بها في مختلف الجمعيات الإنسانية. وكثيراً ما علل فقر الرجل وفشله في صناعته أو زراعته بفجوره وفسقه. وإذا أصاب المرء أمر أو حل به حادث، ظن الناس أن في هذا انتقاماً منه لجرم اقترفه أو عرض انتهكه. والأمثلة في هذا الباب كثيرة سواء لدى القبائل الهمجية أم في الأمم المتمدينة؛ وسنكتفي بعرض بعضها. فبدو روديسيا يلعنون كل امرأة تموت أثناء وضعها، ويتهمونها بالفجور والفسق وقتل روح بريئة لا إثم لها. وتزعم طائفة من سكان أفريقية الشرقية أن الطفل الذي يعدو على زوج أبيه يصاب بعاهة دائمة. وتقول طائفة أخرى إن المرأة تموت إن أتى زوجها الفاحشة أثناء حملها؛ وإذا لمس أب ابنه الصغير صبيحة ارتكابه المنكر مرض ولده على الأثر. وحدث مرة أن مات ثلاثة أخوة في فترة قصيرة، فاتهمت أمهم بالزنا مع رحم محرم. ويعتقد كثير من القبائل الهمجية أن خيانة الزوجة سبب محقق لفشل الزوج في صيده ورحلاته وحروبه؛ وربما أدى ذلك إلى موته. لهذا اعتاد كثير من الهنود، إن خرجوا إلى الحرب، أن يجمعوا نساءهم في صعيد واحد كي ترقب إحداهن الأخرى