فواضح إذن أن الزنا وما اتصل به، في نظر كثير من الشعوب البائدة والحاضرة، خطر يهدد الفرد والأسرة والجماعة؛ فليس شره مقصوراً على مرتكبيه وحدهم، بل يتعداهم إلى القبيلة جميعها والشعب بأسره؛ هو جناية عامة وجريمة شعبية تصيب الأمة في أموالها وأرواحها. لذلك قسا الناس في محاربته وأنزلوا بالزناة أشد العذاب. وإذا صح أن نقيس الجريمة بما قدر لها من قصاص، استطعنا أن نقول إن الزنا من أشنع الجرائم التي عرفها الإنسان، إن لم يكن أشنعها. وهذه القسوة الزائدة في مطاردة الزنا والزناة سهلة التعليل؛ فإن المسألة مسألة حياة وموت، مسألة دفاع عن مجتمع مهدد في أعز شيء لديه، فهو مدفوع بطبيعته إلى أن يحارب من يحاول الاعتداء عليه
ومن هنا كانت العقوبات الصارمة التي أنزلتها الأمم والشرائع المختلفة بكل من استباح عرضاً أو جنى على عفاف امرأة. فقوانين (ماني) تقضي بأن ترسل على الزانية كلاب تنهشها جهرة تحت سمع الجمهور وبصره، وعلى الزاني بأن يوضع فوق حديدة محماة يقلى بها قلياً. وتعاقب قوانين حامورابي الزناة بالشنق والإغراق؛ وقد كان بنو إسرائيل يحكمون على الزاني غير المحصن بالرجم، وعلى المحصن بالقتل. ولا تزال بعض القبائل الهمجية تطبق هذه العقوبات على الزناة في غير ما شفقة. ففي أفريقية الوسطى يجلد الزاني وتهاجم حقوله ومنازله ويسلب ماله. وإذا تبين أحد الأحباش أن أخته أو ابنته ارتكبت الفاحشة قتلها جهرة وقتل عشيقها معها. ولدى الهوثيثوت قانون مشهور يحكم على الزناة بالقتل ضرباً بعصا غليظة. وقد اعتاد سكان الهند الشرقية أن يرموا الزناة في عرض النهر بعد أن يثقلوهم بالحجارة، فإذا استطاع أحدهم النجاة عفي عنه، وفي سومطرة يوأد الزاني ويقبر حياً
وهناك نوع خاص من الفحشاء اشتد هوله فقست الجمعية في محاربته، وهو ما كان بين أفراد الأسرة القريبين كالرجل وزوجة ابنه، والمرأة وأب زوجها. ولكي يُدرأ خطر هذا المنكر وضعت في سبيله عقبات تحول دون وقوعه؛ وهذا هو السر في أن القبائل الهمجية تباعد بين الأقارب الأقربين، في حين أنها لا تجد غضاضة في أن يختلط الأجانب بعضهم ببعض، فجماعة البنتو في أفريقية الوسطى لا يسمحون مطلقاً للرجل بأن يتناول طعام العشاء مع حماته، ولا للمرأة بأن تتعشى مع حميها منفردين، ومن الجرم أن يرى رجل