للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الثورة الحجازية، ولاشك أن ارتباط الأدب بهذه القومية ارتباط متين فهو يقوى بقوتها ويضعف بضعفها. ويكفي أن يشعر الناس أن مليكهم معنى بنهضة عربية تعيد إلى الحاضر سيرة عهود أجدادهم السابقين؛ حينئذ يعملون جاهدين ليسجوا على منوالهم ويتأثرون في كل شيء: في أخلاقهم ولغتهم ومظاهر حياتهم.

والقارئ للشعر الحجازي في النهضة السعودية يجد ظاهرة التعصب للقومية العربية واضحة جلية: فالشعراء كثيرا ما يذكرون ما كان للشرق والعرب من مجد سابق ويتحسرون على هذا المجد الذي ضاع واندثر وحل محله التأخر والجمود. وفي هذه المعاني يقول الشاعر الغزاوي شاعر الملك ابن السعود:

أجلْ. تقهقر هذا الشرقُ فانغمزَتْ ... قناته بعد أن صالت بها الأمم

واندكّ مجدُ بنيه منذ أن غفلوا ... عن الحياة وزلّتْ منهمُ القدمْ

وخالفوا فطرة الأخلاق واختلفوا ... فسامهم كلَّ خسف من رقي بهمْ

وهو يقول أيضاً في موضع آخر مبينا أن العرب قد عرفوا الحضارة وسبقوا إلى النهضة قبل الغربيين:

هل كان للغرب المصوّتِ نأمةٌ ... أيام كان الشرق لا يستسلمْ

أو كان للغرب المدل بعامه ... بَصرٌ بما أمسى به يتنعمْ

في هذه الأبيات وأمثالها نرى اعتدادا بالمجد التليد الذي تركه العرب باقيا على الزمان كما نرى اعتزازا به وحرصا على إعادته ففيه البطولة وفيه المجد والمعاني السامية. وقد قال أحدهم وهو عبد الوهاب آشي في هذا المعنى:

بلادٌ سمتْ بالآلي عرفوا ... طريقَ المعالي ومضمارَها

سعى المجدُ طوعا إلى بابهم ... وأولتهم الأرضُ أمصارها

إذا جَد جِدّ الوغى يمموا ... ميادينها وجلوا عارها

وما عن ونى يؤثرون السلام ... ولكن يربحون ثوارها

بهذا الإيمان الصادق بمجد الأسلاف يتدفق شعر الحجازيين المحدثين ويرون انهم لن ينجحوا في حاضرهم إذا لم يقتفوا آثار السابقين ويعملوا على غرارهم فإذا فعلوا ذلك كان المجد قريبا منهم لأنهم أهل له من قديم الزمان وفي ذلك يقول عبد الله بلخير:

<<  <  ج:
ص:  >  >>