للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحينئذ عن للشيخ أن يلقي إلي بسؤال - ولعله رآني عنه وعن درسه في شغل شاغل - ولكن كلمة واحدة لم تند عن شفتي جواباً لسؤاله

وكان أن تقدم إلي ولطمني لطمة قاسية. . . تقبلتها صامتاً. وماذا كانت هذه إلى جانب لطمة القدر؟

- ٤ -

وحين وصلت بذكرياتي إلى هذا الحد - وكنت قد وصلت في سيري إلى شارع سليمان باشا - رفعت يدي إلى خدي كأنما أتحسس بها أثر اللطمة بعد هذه السنين الطوال. ثم تراءى لي - ويدي لا تزال على خدي - أن أعبر الشارع. وإني لأخطو أولى خطواتي إذ سمعت كأن صوتاً يناديني:

- إبراهيم! يا إبراهيم!

وكان الصوت خافتاً كأنه آت من بعيد، من أعماق هاوية، وقد خيل إلي أنه ليس غريباً عني، وأني سمعته قبل الآن، متى وأين لا أدري؟ وتلفت حولي واختل توازن خطاي وكادت سيارة تدهمني، فنظر إلي شرطي المرور كأنما يسألني ماذا بي. فقلت له في بساطة:

- إن اسمي إبراهيم!

فلم يبد على وجه الشرطي أنه فهم شيئاً

وطفت على شفتيه ابتسامة فيها سخرية وفيها رثاء.

مصطفى حمدي القوني

<<  <  ج:
ص:  >  >>