وجهات المحلات كتب عليها (هذا زجاج). وكانوا يراقبون أسلاك التلغراف محاولين رؤية الرسالة وهي تسير خلال السلك، وقد قال بعضهم أن السلك لابد أن يكون مجوفا، وقال البعض الآخر أنه لابد أن يكون متحركا، أما أهل القرى فقد قالوا أنه من عمل الشيطان. وعندما أدخلت المسرات لأول مرة قيل عنها أنها السبب في انتشار مرض الكوليرا الذي ينتقل من المتكلم إلى السامع. وقد ارتكب اليابانيون أخطاء كثيرة عندما حاولوا أن يقلدوا آلاتنا. وقد ساد الشعور بأن اليابانيين قد أصبحوا صورة لنا ولكنها صورة شاحبة جداً، ومع ذلك فقليل من يدرك أن هذه الصورة الفطرية الأولى قد تغيرن إذا نظرنا إلى ما طرأ على الحياة اليابانية الصناعية من تطور.
وقد علم صناع القطن في منشستر اليابانيين كيف يغزلون القطن ثم يبيعونه، وسرعان ما استطاع اليابانيون أن يصنعوا منه أقمشة قطنية ويرسلوها حول نصف العالم ثم يبيعوها ثمن أقل مما تباع به تلك التي صنعت في منشستر ذاتها. . . ولكن ليس هذا أسوا ما في الأمر، فقد اخترع اليابانيون نولا أوفر إنتاجا بمجهود أقل، فبينا نرى في مصانع لانكشير فتاة واحدة تباشر ثماني آلات نجد في مصانع اليابان أن فتاة واحدة تباشر ستين آلة. وقد أبت لانكشير أن تصدق ذلك إلا بعد أن غمرت المنسوجات القطنية اليابانية أسواق العالم جميعه بأثمان تتراوح بين الثلث والعشر من أثمان المنسوجات القطنية المصنوعة في لانكشير. . . ومن ثم تحول قطب الصناعة القطنية في العالم إلى اليابان حتى أن رجال الصناعة في لانكشير قد انتقلوا إليها ليدرسوا الصناعة القطنية فيها. وفي هذه المرة دفعوا مليون ين في سبيل الحصول على حق استخدام الأنوال اليابانية في مصانع لانكشير.
وفي نفس الوقت الذي بدا فيه الإنجليز يستخدمون الأنوال الجديدة أخذ المهندسون اليابانيون يبذلون جهدهم في سبيل تحسين أنوالهم وتصميمها بحيث يجعلونها أعظم كفاية، ويتمثل مبلغ نجاحهم في الحقيقة العجيبة الآتية، فقبل أن توقف الحرب الحالية حركة التجارة كانت تشتري اليابان قطنها الخام من الهند ثم تدفع مصروفات شحنه إلى اليابان ثم تصنعه وترسله مصنوعاً إلى الهند وتدفع تكاليف شحنه إليها كما تدفع ضريبة الجمرك، ومع ذلك كله فقد كانت تبيع إنتاجها منه في الهند بأقل من أثمان تلك المنسوجات القطنية التي كانت تصنع في الهند ذاتها. وفي منافسة اليابان للانكشير حيث مستوى أجور العمال ومعيشتهم