ويحركانه في حساء جديد خال من الأحياء، فلا يلبث أن يعجّ هذا بالخلائف الجديدة من ذلك المكروب. وقاما على هذا يوماً من بعد يوم، ويكثرون من القليل الذي على العود البليل العدد الهائل الكبير من هذه المكروبات، حتى ازدحمت مناضد المعمل بزريعات متروكة قديمة بلغت أعمار بعضها أسابيع كثيرة، وتفكر بستور فيها فقال:(غداً نُنحّي كل هذا الركام وننظف المناضد)
وهنا جاء الحظ يهمس في إذن بستور، فما كان من صاحبنا أن غيّر رأيه، فقال لرو:(نحن نعرف أن مكروب كوليرا الدجاج لا يزال حياً في هذه القبابة. . . نعم إنه قديم، فقد تركناه في مكانه بضعة أسابيع. . . ولكن برغم هذا أرى أن تحقن قطرات قليلة منه في بعض الدجاج. . .)
وأنفذ رو ما سأله بستور، وإذا بالدجاجات يجيئها المرض فيذهب عنها المرح والخفة والنشاط، وتهوّم كأنها تطلب النعاس. وأصبح الصباح فأتى بستور يطلبها في المعمل لتشريحها وفحصها مؤقتاً أنها لاشك ماتت كالعادة، فإذا بها تجري على عينه هنيئة سعيدة. قال بستور:(هذا عجيب إن المكروب من زريعاتنا كان قبل الآن يحقن في العشرين دجاجة فتموت العشرون كلها، أما هذه. . .!) على إنه لم يكن قدّر لبستور في هذا اليوم أن يكشف كشفه الخطير المنظور؛ ففي الغد قام هو وأسرته ورو وشمبرلاند لقضاء عطلة الصيف، وقبل سفره أودع الدجاجات التي برِئت ذمة حارس المعمل ونسي أمرها
وعاد بستور من سفره. وذات يوم طلب إلى خادم المعمل أن يحمل إليه بعض الدجاج الصحيح الجديد، وأن يجهزه للحقن، قال الخادم:(ولكن يا سيد بستور لم يبق من دجاجنا الجديد الذي لم يحقن غير زوج أو زوجين، أما البقية فأنت تذكر إنك حقنتها قبل سفرك بمكروب من زريعات قديمة فمرضت ولكنها لم تمت). فتسخط بستور على الخدم الذين يهملون فلا يحتفظون بوفرة من الدجاج لتكون دائماً كافية حاضرة، ثم قال:(إذن فأحضر ما عندك من دجاج جديد، وزوّدنا كذلك بزوج أو اثنين من الذي حقناه فأبى أن يموت. . .)
وأحضرت الدجاجات وهي تملأ الجو صياحاً، فضرب أحد الأعوان محقنه في عضلات صدورها بملايين المكروب في صدور تلك التي كانت حقنت من قبل، وكذلك في صدور الجديدات، ومضى النهار؛ وأصبح صباح الغد، فأقبل رو وشمبرلاند إلى المعمل، وبينما