الخطر كل الخطر في أن ينصب هذا الرجل نفسه حاكماً بأمره في تقرير مصير الآداب العربية، وهو لم يستطع إلى اليوم أن يقيم الدليل على أنه يتذوق المعاني والأساليب
الخطر كل الخطر في أن يتوهم الأستاذ أحمد أمين أنه قادر على زعزعة ما أقامته الأيام من الحقائق الأدبية، الحقائق التي ساد بها العرب في أزمان طوال، وكان لها سلطان مهيب في أقطار الشرق وأقطار الغرب
ولكن ما الذي نقل ذلك الرجل الفاضل من حال إلى أحوال، وحَّوله من الروية إلى الارتجال؟
ما الذي قضى بأن يثور أحمد أمين على ما خُلق له فيطالع الجمهور بآرائه من يوم إلى يوم وكان يلقاه من عام إلى عام؟
لقد أصبح الرجل صحفيّاً، وكان أستاذاً ولكنه لم يراع أدب الصحافة، لأن الصحافة تقف عند المشاهدات وهو يهيم بأودية الفروض
ابتدأ هذا الرجل مقالاته في مجلة الثقافة بتلخيص بعض الكتب الأدبية فكان من الصحفيين الأدباء ثم رأيناه يتحول فجأة فيلخص الأدب العربي في جميع عصوره تلخيصاً يقوم على أساس الخطأ والإعتساف، ويعوزه تحرير الحجة وتصحيح الدليل
فهل يظن أنه سينجو من عواقب ما يصنع؟
هل يتوهم أن التجني على الأدب العربي سيمر بلا اعتراض ولا تعقيب؟
إن لهذا الرجل صداقات مع كثير من الأدباء والناقدين، وهو لذلك يرجو أن يصول ويجول بلا رقيب ولا حسيب
فما رأيه إذا أقنعناه بأن للأدب العربي أنصاراً يغارون عليه أشد الغيرة، ويقفون لخصومه بالمرصاد؟
ما رأيه إذا سددنا في وجهه جميع المسالك وقهرناه على الانسحاب من ميدان الدراسات الأدبية؟
ما رأيه إذا فرضنا عليه أن يعود رجلاً يؤذيه أن يجانب المنطق والعقل؟