كشعوب الشرق الأوسط وأبرز مظاهر هذا القلق الاقتصادي في منطقة الدولار مشكلة التضخم المالي وازدياد التبطل بين العمال الفنيين والصناعيين والتباين في معدل الإنتاج والاستهلاك، وألف وجه ووجه من المشاكل الاقتصادية المعقدة التي تأتي في أعقاب الحروب الكبرى فالنكسات الاقتصادية - والنكسة وصف معتدل لحاضر الاقتصاد الأمريكي - لا تولد بين عشية وضحاها؛ إنما هي وليدة تضخم في الإنفاق وتضخم في الشراء وتضخم في الافتراض. فقد اتسع الإنتاج الصناعي في أمريكا زمن الحرب اتساعا هائلا في طفرة غير اعتيادية، فارتفعت نسبة الإنفاق على النحو الذي خبره العالم بأسره، وزادت نسبته في أمريكا. ومما ساعد على التضخم في الاقتراض طبيعة التعامل النقدي في الحياة الأمريكية (تسهيلات الدفع والتقسيط الخ)؛ فنتج عن ذلك هذه التيارات التي واجهها الكيان الاقتصادي في أمريكا منذ أكثر من عامين، ونجح في تفادي أزمتها الجارفة بالقرض البريطاني أولا، تم بمشروع مارشال وببرنامج التسلح الهائل الذي ينفذ في إسراف يستوعب العمال العاطلين ثانياً. وهو يحاول الآن أن يخطو خطوة إنقاذ أخرى على طريق التوسع الاقتصادي في المناطق (المتأخرة).
إن إنهاض التنمية الاقتصادية ضرورة لاستقرار السلم العالمي - هذه حقيقة مسلم بها، ولكن المهم في هذا العرض هو الوقوف على بعض العوامل الأساسية في مسألة قد تقرر مصير الكيان العربي لأجيال عديدة.
فالمساعدة الاقتصادية المقترحة ليست إحساناً خالصاً لرفع مستوى المعيشة للبائسين في الشرق العربي؛ فالضمير الأمريكي لم ينفعل كثيراً لفاجعة فلسطين بالرغم من أن له اليد الطولى فيه.
والمساعدة الأمريكية ليست سهماً يوجه للشيوعية التي تربض على أبواب الشرق الأدنى - فموقف أمريكا من التطور في الصين، وقصدها من تزويد الأتراك بحاجتهم الماسة ينفيان ذلك - ولكنها مصلحة فيها عنصر أناني وضرورة اقتصادية ملحة تضع في يد الشرق العربي عنصر مساومة فريد.
ذلك لأن هذا الشرق في رأي المستر إميل شرام رئيس بورصة نيويورك الكبرى، من أفضل المناطق لاستثمار رؤوس الأموال الأمريكية لأسباب عددها في عدد يناير من مجلة