للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

والسيد المسيح نفسه قد صرح لتلاميذه أن (. . . كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون).

ولئن كان السيد المسيح قد أمر بطرس بأن يرد سيفه إلى غمده عندما أراد بطرس أن يقاتل أعداء المسيح، فإنما كان يعني المسيح بهذا أن امتشاق الحسام محرم على كل جندي في المستقبل.

وفي سنة ٣١٤م صدر أمر بأن يحاكم كل جندي يترك سلاحه من أجل الدين، وذلك لأن البلاد كانت مهددة بغارات الأعداء. وهكذا نرى أن فكرة الحرب بدأت تعود، وأن آباء القرن الرابع والخامس الميلادي قد أخذوا يبررون امتشاق الحسام؛ حتى إذا جاء القديس أوغسطين ذهب إلى أبعد من هذا حين أراد تفسير العهد الجديد تفسيراً لا يتعارض مع فكرة الحرب، وعنده أن السيد المسيح عندما أمر بطرس بأن يرد سيفه إلى غمده لم يكن يعني كل جندي وإنما كان يعني بطرس بالذات لأن امتشاقه الحسام لم يكن قانونياً. وينتهي أوغسطين من هذا بقوله: (إذا كان السلام هو الخير الأسمى وكانت مدينة الله قد أقيمت من سلام أزلي فإن الحرب في بعض الأحايين ضرورة لهذا العالم الممتلئ بالخطيئة).

نجد في كلام القديس أوغسطين تحولا جديداً في فكرة الحرب عمل أتباعه على تدعيمه قائلين إنه ليس ثمة تعارض بين أن يكون الإنسان مسيحياً وجندياً في الوقت نفسه. وانتهى الأمر بأن يتناول الفارس سيفه من القسيس الذي يباركه ويقول له تلك العبارة باللاتينية:

, ,

أعني: في خدمة سيدك المسيح تتناول حسامك أيها الجندي باسم الأب والابن والروح القدس آمين. وهكذا أصبح الجندي يمتشق الحسام باسم الله، والحرب أصبحت قضاء من الله، والنصر هبة من هباته.

وفي العصور الوسطى أيضاً كانت الحرب قضاء من الله. فاللورد بيكون يرى أن الحرب هي الوسيلة المثلى التي يتجلى بها الحق واضحاً، إذ يحتكم الله عز جلاله بين الأمراء والمتنازعين. ويقول لاهوتي في هذا الصدد، إن الحرب مرآة تقرب إلينا صورة الله (فليس كرائحة البارود عطر يستطيع من يتنسمه أن يتعرف الحق السماوي في صورته العليا. . .)

<<  <  ج:
ص:  >  >>