- وي! هذا حصاني فلم تريد اغتصابه مني؟ أهذا جزاء من يعطف عليك ويشفق؟ يا للوقاحة! ويل لك من العذاب الذي سيصيبك! هيا هيا دع الحصان وامض إلى سبيلك. وإن لم تفعل فخير لك ولي أن نذهب إلى القاضي السعيد فنسأله، وهناك يظهر الحق ويزهق الباطل!
وشده الملك وعجب من هذا المحتال البائس. ثم ثار وغضب، وأرغى وأزبد، والتف حوله أهل المدينة، فساقوهما إلى القاضي ليحكم بينهما.
وأتيا القاضي يجران وراءهما الناس، وقد جاءوا ليستمعوا إلى حكمه. واستوى القاضي على كرسي مزين بالذهب المتوهج، وبدأ ينادي المتخاصمين فرداً فرداً
وجيء بعالم أصلع الرأس، كث اللحية، حماري الأذنين وإلى جانبه قروي رث الهيئة، ممزق الأثواب، على وجهه إمارات الغباوة، كانا يختصمان على امرأة حسناء على وجهها سحر وطلاوة. . هذا يدعي أنها خليلته، وذاك يقول إنها حليلته. .
واستغرق القاضي في صمت عميق. . . ثم قال:
- دعا حسناءكما عندي وتعاليا إلي غدا
وتقدم جزار إلى جانب بدال. وكان الجزار يرتدي ثوبا مليئا دماً، وكان البدال يرتدي لباسا زين ببقع الزيت الحية.
قال الجزار:
- لقد اشتريت من هذا الرجل يا مولاي زيتاً ثم عمدت إلى قميصي فأخبأته تحت جيبه. ولكنه هجم علي، وانتزعه مني، فجئنا إليك يا مولاي، أنا أمسك بيدي دراهمي وهو يمسك بتلابيبي لئلا أفر، ولكن الدراهم لي، وما هو إلا سارق أثيم!
قال البدال:
- كذب ما قاله يا سيدي وبهتان. . لقد جاء إلي ليبتاع من زيتي، فملأت له وعاءه، فلما أراد الانصراف طلب مني أن أبدل له قطعة ذهبية بقطع فضية، فرحت أعطيه الدراهم. . . ولكنه فر بها يا مولاي، فلحقت به. . . وأحضرته إليك. .