- أنا تاجر يا سيدي، وهذا لقيني وأنا في طرف المدينة فرثيت له وأشفقت عليه، ثم أعطيته ما يخفف من ألمه ويزيد في فرحه. . فلما انطلقت إلى ما أنا ماض من أجله، لحق بي وطلب أن أوصله الساحة الكبرى. فأردفته. فلما كنا في الساحة الكبرى، طلبت إليه أن يتركني فأبى، وقال هذا حصاني جئت تنتزعه مني. فالتف حولنا الناس وساقونا إليك. هذه قصتي يا مولاي فاحكم بما تريد!. .
قال السائل:
- يا للكذب يا مولاي! لئن كذب وافترى، فما أنا إلا صادق أمين. . كنت أجتاز المدينة ومعي الحصان فرأيته في بعض الطريق. . . فطلب مني أن أوصله إلى الساحة الكبرى فقد أنهكه السير الطويل. فلما أتيت به الساحة قال هذا حصاني. . .
فاحكم يا مولاي أيدك الله وأطال بقاءك!
وفكر القاضي وقدر. . . ثم قال:
- سأعرف الكاذب من الصادق. . دعا الحصان لدي وارجعا إلي غداً
وتفرق الناس، ومضى كل إلى سبيله، وذهب الملك يفكر في هذا القاضي الذي سماه الناس (السعيد)
أقبل الليل، فجلس الملك يفكر في أمر ذلك البائس المسكين ويتذكره، فملأ صوته المضطرب سمعه وفؤاده، وهو يتساءل عن جزائه وكيف يكون. فلما أضناه التفكير أسلم نفسه للكرى. فنام نوماً عميقاً، رأى فيه من الأطياف ما لا يحصر، ومن الأشباح المرعبة ما لا يحد، وضحك النهار فاستيقظ الملك. . وأخذ يرتدي أثوابه، ثم مضى إلى المدينة ليطوف في أسواقها فلما أجاز ساحة الحي وجد غريمه يتدحرج نحو دار القاضي.
وكان الناس يأتون زرافات زرافات، فقد أعجبوا بالقاضي فغدت نفوسهم في شوق ملح لكل ما يقول. وجاء المتخاصمون فتقدم العالم والقروي. فنظر القاضي إليهما وقال:
- أيها العالم! إنها زوجتك فخذها وامض بها إلى دارك. . . أما أنت أيها القروي، فجزاؤك