من أركان دولته لعرض المعذرة عند تقديم الهدية، فاجتمع أحد الأمراء المدعو (الدوات دار الصغير) مع عدة من صحبه وقال لهم إن هذه مكيدة أراد بها الوزير قتل أعواننا ونهب أموالنا، فإذا جيء بالأموال إلى ظاهر البلد ننقض عليها برمتها ونستنقذهالتكون ذخرا ليوم شدتنا، فنمى الخبر إلى الخليفة واضطر إلى إبدال الكثير بالقليل، والوافر اليزر، فاغتاظ السلطان وأرسل إليه أن يحضر بنفسه أو أن يبعث إليه أحد الذوات الثلاثة: الوزير أو الكاتب أو سليمان شاه، فتواني الخليفة في إنجاز ما أراد السلطان أيضا، فاشتد من اجله غضب السلطان وعقد النية على فتح بغداد، فأرسلالخليفة الأزبكي مرة وابن الجوزي بن محي الدين مرة فارتدا خائبين. لأن السيل قد بلغ الزبى، وحان الوقت الذي لا ينفع فيه الندم.
ففي شهر شوال سنة ٦٥٥ هـ نهض السلطان - هلاكو - من همدان موليا وجه شطر قاعدة الخلافة العباسية. على أن الأمير (صوغنجاق) والسردار (تايجنوئين) كانا قد ذهبا مع مقدمة الجيش الأيمن على الميمنة مما يلي أربيل عن طريق جبال (شهر زور) كما أن القائد (دقوق) وزميله (كبد يوقائين) و (انكتانوئين) كانوا على الجناح الأيسر من الميسرة التي زحفت إلى (تكريت) و (بيات) وكان فيلق القلب من الجند السلطاني تحت أمرته الشخصية يسير من كرمنشاه وحلوان إلى بغداد. هذا وقد سار (الدوات دار) من بغداد بجيش الخليفة وأتى إلى بعقوبة فخيم بجوارها. أما السلطان فكان قد أوعز إلى أحد قواده المدعو (تايجورا) أن يعبر دجلة ويدخل بغداد من جانبها الغربي - وقد تخلى هو عن رحله وسرادقه عند ما وصل حلوان وخرج منها بسرية من جيشه، وأول حادث حدث هو أن طلائع الجيش الملكي أسرت طليعة من جند الخلافة، ولما مثلوا بين يدي السلطان اقسموا الإيمان المغلطة على أن يخلصوا الخدمة من يومهم للملك ويؤدوا له ما يجب عليهم من الصدق والامانة، وكان في جملتهم أمير من بقايا الملوك الخوارزشاهية فأرسل هذا كتابا من قبله إلى العسكر العباسي مخاطبا به (قرانسقور) أحد أمراء جيش الخلافة بالعبارة التالية: -
(إنني وإياكم من جنسية واحدة، وأديت الطاعة واتصلت بالخدمة فصرت من المكرمين، فإذا ارتم أن تبرئوا أنفسكم وتشفقوا على أرواحكم فاعتصموا بحبل الطاعة وتمسكوا بذيل العبودية لأني لكم من الناصحين.)