وبعدما قرأ (قرانسنقور) الكتاب أجاب الأمير المذكور بما يلي: - (متى صارت لهلاكو تلك المكانة التي يتمكن بواسطتها بلوغ هذه الغايات، ولعمري ان هذه الدولة (العباسية) قد شاهدت كثيرا من أمثاله وأقرانه، هذا وان مجيئه بهذه الصورة إلى بلاد الخليفة وتدميرها بهذه الصفة لدليل على انه يريد في الأرض علوا وفسادا، وان أراد غفران ذنوبه وقبول أعذاره فليرجع إلى همدان حتى أتشفع له بواسطة (الدوات دار) لدى الخليفة ليعفو عما سلف منه)
وبعد ما وقف السلطان على فحوى الرسالة ضحك ضحكة المتهكم وقال (نعم الأمر بيد الله وانه فعال لما يشاء) وبعد ما عبر القائدان دجلة ظن البغداديون إن هذه الجيوش والعساكر ما قطعت النهر إلا تحت قيادة هولاكوخان الخاصة ونمى الخبر إلى (الدوات دار) فقفل راجعا من بعقوبة إلى بغداد، وعبر دجلة فالتقى (بصو غنجاق) الذي كان في مقدمة الجيش المغولي، ووقعت بينهما معركة انكسرت فيهما عساكر (صوغنجاق).
وإلتجأ الأخير إلى الفرار، ولكن الذي حصل لعسكر (الدوات دار) عند اشتباكه بالحرب مع (تايجونوئين) القائد الثاني دعا لضياع النتيجة، ضاقت عليه الأحوال فآب (الدوات دار) راجعا بجمعه المتفرق إلى بغداد.
أما السلطان فامتطى جواده وعبر (ديالى) مع جمع من عسكره إلى أن بلغ ظاهرة بغداد في منتصف شهر محرم سنة ستمائة وست وخمسين، وأرسل (بوقاتيمور) مع جيش ليحط من جانبها الغربي، وأمر أن يقيم الجند حائطا يحتضن المدينة من كل الجهات ثم نصبت عليه المجانيق وهيئت المؤن والمعدات اللازمة للحرب والقتال.
ولما أحس الخليفة بذلك اجتمع بأصحابه ليتشاورا في الخطب، فقال بعضهم إذا أردنا أن نقدم لهم الهدايا الفاخرة ونفتدي المدينة بالدرهم والدينار فعسى أن يحملوا هذا دليلا على الخوف والهوان، والأصلح إيفاد الوزير (صاحب الديوان) مع (ابن الدربوس) بقليل من التحف والرياش فاستحسن الجميع قوله فلما احضر صاحب الديوان وزميلاه إلى السلطان قال: لماذا لم يحضر عندنا (سليمان نشاه) و (الدوات دار)؟ فاجيب بان السلطان كان قد كتب للخليفة أن يبعث واحد من هؤلاء الثلاثة فأرسل الخليفة الوزير الذي هو أكبرهم، فقال السلطان نعم. ولكن أردت ذلك في همدان، وهاأنذا في بغداد، هذا وبعد أحد ورد ظهرت