بوادر القتال ظهورا تدريجيا، وابتدأت العساكر المغولية الحرب في ٢٢ محرم وحمل السلطان بنفسه على بغداد من جانبها الشرقي تجاه برج العجم، وحاربت عساكر (كبة بوق) بالسهم والنشاب، وكان القائدان (بلغاي) و (سناي) يتقاتلان في الجانب الأيمن لمدينة. وأما (بوقاتيمور) فانه انهال بجيشه على بغداد من الجانب الغربي في ارض كانت تعرف حينذاك بـ (روضة النقل)، أما (تايجونوئين) و (صوغنجاق) فقد احتوشا المدينة وزحفا عليها مما يلي المارستان العضدي، ودام القتال الشديد لمدة ستة أيام بلياليها، وأمر السلطان أن ترسل ست رسائل بواسطة النشاب لجماعة السادة والعلماء والأركان والمشايخ وغيرهم ليفهموهم بأن الجيوش المغولية لا تتحرش بهم أن القوا السلاحهم وكانوا في حياد. وما بزغت شمس يوم الثامن والعشرين من شهر المحرم إلا وتمكن العسكر المغولي من الاستيلاء على برج العجم، وقبل صلاة ظهر ذلك اليوم تم النصر للمغول باندحار البغداديين اندحاراً عظيماً ووقوع المدينة في قبضة التتر، وكان قد أرسل السلطان وحدات من جيشه للحراسة على دجلة من أعلاها إلى أدناه وللقبض على الذين يريدون الفرار واتفق أن صادفوا ثلاث سفن تحمل أثاث (الدوات دار) وشيئا كثيرا من أمواله وسلاحه وغير واحد من رجاله وصحبه من جملتهم نقيب العلويين، فأوقفوها عن السير برشاشات النفط النارية، ولما تمكنوا منهم قتلوهم جميعا حتى النقيب العلوي وصادروا جميع ما فيها من المحولات، هذا وقد أمر السلطان أهل بغداد ان يشتركوا جميعهم بهدم الدور التي تحيط بالبلد، وبعد ما أعلن السلطان العفو العام استأذن الخليفة السلطان للخروج من بغداد لأنه تحقق من نفسه وجيشه الضعف الكامل وانه باء بالفشل المبين. والخلاصة ان الخليفة قابل السلطان في (باب كلواز) بجمع حاشد من السادة والأئمة والمشايخ والأركان وهذه هي المقابلة التي كانت تعد آخر يوم من أيام الخلافة العباسية.
ثم صدرت أوامر السلطان ان يبادر الجند بنهب المدينة وغزو ما فيها من الأموال. وفي يوم الأحد الموافق لرابع شهر صفر سنة ٦٥٦ هـ دخل السلطان المدينة وولج القصر العباسي ثم دخل الغرفة التي كانت معدة لجلوس الخليفة عند ما يريد القراءة والكتابة وكان الخليفة حاضرا هناك مع نفر غير قليل من العلماء والإشراف، فتقابل السلطان معهم وتكلم بعد ذلك مع الخليفة وقال له أين الهدايا؟ فأحضرت له فقسها بين رؤساء الجند وقادة