حتى يوم أراد فيه خاقاننا السافل أن يبيعنا للأغراب. . وعندئذ بلغ السيل الزبى، وطفحت الكأس
خرج من صفوفنا شخص ذو شعور ذهبي، وسحنة رجليه ونظرة هي نظرة الأسد بعينها. .
فإذا هو الذائد عن حمى بلاده، والضنين بوطنه، ورسول ربه الكريم. .
قال أقوالا بعثت بالحمى الدافقة إلى القلوب الجامدة، وبالحياة إلى العروق الميتة، عمل أعمالا دهش منها القاصي والداني. . طرد الأغراب من المواطن وأسقط الخاقان من عرشه. . وهو الب منهمك في لم شعث أمته حول راية الحرية الخافقة. .
إنني كنت حينذاك من أسرى الخاقان في سجنه. . وبينما أنا أتقلب على أشواك اليأس والقنوط، إذا بصوت رجل آخر يطرق سمعي. .
دبت في الحياة فجأة، فحطمت سلاسلي، وأحدثت فجوة في الجدار، وجئت إلى هذه الديار في طريقي إلى الحرية التي أنشدها.
أصغى إلي الأساتذة باعتناء واهتمام شديدين. . . ثم قال أحدهم:
- أجل! أجل! إننا كذلك نعرف ذلك البطل ونحبه حبا جما، ونحن إنما نعمل هنا وفقاً لمبادئه وفكرته. .
ثم أضاف إلى كلامه قائلاً:
- هل عقدت النية على أن تكون حرا؟
- نعم!
- هل فكرت في الأمر جيداً!. . أعزمت على ذلك عزماً نهائيا؟. . ثم هل تعلم مبلغ صعوبة الحرية على الإنسان؟
أجل!. . أعرف كل ذلك، وعزمي في هذا الشأن لا يتزحزح!
- إذن ثمة شروط يجب أن تطلع عليها، وتعمل بمقتضاها. . وهذه الشروط مدرجة في سفر خاص بها. اقرأ وفكر مليا. . وسنأتي لمقابلتك ثانية بعد بضعة أيام. .
ثم غادر الأساتذة المكان. .
يتبع
أحمد مصطفى الخطيب