وعهد الفتوة. والظاهر أنه لم يراجع طبعات الكتاب منذ ذلك التاريخ، ولذلك شاع فيه التحريف، وعمه التصحيف. وأعجب من هذا ما علمته من أن وزارة المعارف، لكي تيسر إعادة طبعه المرة بعد المرة، قد كلفت بعض الصناع بحفر صفحاته في رواشم (كليشيهات) زنك!!
وقبل عرض أمثلة من أغاليط هذه الطبعة من الكتاب، يحسن أن أعرض كلمة ألخص فيها التعريف بمؤلفه عن كتاب لي أضعه الآن في تاريخ المعجمات العربية ومؤلفيها، وهذه الترجمة لا أعلم أنها نشرت بمصر إلى الآن:
قال صدر الدين القونوي المتوفى سنة ٦٧٣ هـ - ١٨٧٤م: الشيخ العالم العامل الفاضل سيد العلماء، قدوة الفضلاء، محيي السنة، ناصر الشرعية، زين الدين أبو عبد الله محمد بن شمس الدين أبي بكر بن عبد القادر الرازي. جاء إلى مصر وأقام بها زمناً، وجال في ربوعها وأخذ عن بعض مشايخها، وأخذ عنه بعض طلبتها. وذكر المقريزي أنه وصف بركة الحبش التي بالقاهرة بهذين البيتين من الشعر:
إذا زين الحسناء قرط فهذه ... يزينها من كل ناحية قرط
ترقرق فيها أدمع الطل غدوة ... فقلت لآل قد تضمنها قرط
وهو من شعر العلماء الذي لا يعرج عليه الأدباء. ومن الغريب أن السيوطي لم يذكره فيمن وفد على مصر من العلماء أو من الأدباء أو من الحنفية. ثم ذهب إلى الشام وطوف في أنحائها، ومنها دخل بلاد الأناضول وأقام في قونية وبها صحب الشيخ العالم المحقق صدر الدين القونوي وعليه سمع كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير الجزري الموصلي إلى سنة ٦٦٦ والظاهر أنه توفي أواخر القرن السابع.
وقد ترك من المؤلفات: شرح مقامات الحريري، والذهب الإبريز في تفسير الكتاب العزيز، وتحفة الملوك والسلاطين في الفروع، وحدائق الحقائق في الأخلاق والمواعظ، وأنموذج جليل في أسئلة وأجوبة من غرائب آي التنزيل، والأبيات التي يتمثل بها في الأدب، وروضة الفصاحة في علم البيان، وضعه باسم السلطان المؤيد المنصور نجم الدين أبي الفتح غازي بن قرا أرسلان الأرتقي صاحب ماردين المتولي سنة ٦٩١ والمتوفى ٧١٢. ومختار الصحاح الذي نحن بصدد من شأنه، اختصر فيه صحاح الجوهري ووضعه على