عليها بالجرافة. وهذه أدنأ أفراد العائلة وأقلها تخصصاً. فنشأت من ناحية أسماك منتفخة كثيرة التجاعيد والنتوءات (شكل٣) هي أقبح المخلوقات، يبدو التمساح بجانبها حيواناً جميلاً وديعاً. وقد بلغت هذه الأسماك حد مشلبهة الصخور المرجانية في شكلها ولونها حتى لتكاد تستحيل رؤيتها في موضعها الطبيعي إذا وطئها إنسان عاري القدم أو بحذاء رقيق أصابه ألم مبرح قد ينتهي بالموت، وهيغير منتشرة هنا، وأن كان يوجد منها نوعان. وشيء واحد نحمده لها، ذلك أنها تلوذ بالفرار إذا أوجست خيفة أو لمحت إنساناً يسير على الشعاب، فإذا هرعت سهل رؤيتها لوضوح زعانفها الصفراء الفاقعة، في أحد النوعين، وخطوط عريضة بيضاء في ذنب النوع الآخر، فيها تحذير من شرها.
وذهب التطور من الناحية الأخرى إلى سمكة تعرف هنا بالجنّخ - (شكل٤) - وهي وأن شابه جسمها جسم الأسماك العادية ملاسة، إلا أن لها رأساً مجعداً كبقية أفراد عائلتها. والزعانف في هذه السمكة تأخذ شكلاً غريباً، إذ تطول أشعتها كثيراً وتصير أشبه شيء بريش الطيور، وليست كزميلاتها تهاب أعداءها، وتحاول التخفي بمشابهة الصخور والأعشاب، بل تبدو جلية واضحة بألوانها الزاهية الجميلة. فجسمها مخطط أسمر وأشهب، بينما ريشها الطويل ملون بالأحمر والأسمر والأبيض. وتكثر الجنانخ (جمع جنخ) هنا - وقد اعتدت أن أزور صخرة مرجانية قريبة من المحطة لأتمتع بمشاهدة المرجان اللين النامي عليها ولألاحظ النجوم الريشية تخرج من جحورها، وتنشر ريشها ساعة الأصيل. وقتئذ يخرج الجنخ من مضجعه ويعوم بتؤدة وهوادة، حتى إذا وصلت إلى هذه الصخرة، دفعت برأسها إلى أسفل، ونشرت أجنحتها الكبيرة أفقياً، ورفعت زعنفتها الذنبية، وهي كالزعانف الظهرية الخلفية والشسرجية رقيقة شفافة تصعب رؤيتها في الماء. وتمكث هكذا طويلاً دون حراك، ولا تزال الغاية من عملها هذا سراً خفياً
البحر الأبيض المتوسط بحر النور والألوان، ولكن الخبيرين بأحيائه يشدههم كثيراً زهاء الألوان في أسماك البحر الأحمر عندما يزورون الغردقة - لا يقتصر ذلك على الأسماك الدقيقة، التي تسبح كالفراش بين الشعاب المرجانية، أو التي يحاور بعضها بعضاً في الكهوف بين المرجان - بل يتعداها إلى الأسماك الغذائية الكبيرة. وقد يظن من ليس لهم خبرة إلا بأسماك المنطقة المعتدلة، أن الصور التي نشرها روبل سنة ١٨٢٩ لم تكن إلا