أوربا، واستقدم لهذا الغرض اثنين من مهرة الطباعين في فرنسا، وهما مارسل وجالان. أما الطريقة التي اتبعاها في نقل النقوش فهي تتلخص في أنهما نشرا على وجه الحجر مداد خاصا. ووضعا أدراج الورق فوق الحجر ضاغطين عليه بمضغط من مطاط حتى انطبعت الرسوم واضحة، ثم وزعت النسخ المطبوعة على علماء العاديات الشرقية في أوربا تنفيذاً لأمر نابليون، وقد اختص (المعهد الوطني بباريس) بنسختين وضعتا موضع بحث وتنقيب قام به العلامة (دوتيل)
وصول الحجر إلى إنجلترا
بعد أن أحرز (السير رالف ابركرمبي) الإنجليزي النصر في مصر بهزيمته الجنود الفرنسية سنة ١٨٠١ أبرمت معاهدة بين الإنجليز والفرنسيين تنص المادة السادسة عشرة منها على أن يسلم الفرنسيون حجر رشيد مع آثار مصرية أخرى عظيمة الخطر كانت في حوزتهم إلى الجنرال هاتشنسون في أواخر أغسطس من هذه السنة عينها، وتنفيذا لهذه المعاهدة شرع هاتشنسون يتسلم الآثار المصرية بدون كبير معارضة ويرسلها إلى إنجلترا. ولما حان تسليم حجر رشيد إليه لاقى صعوبات جمة، إذ أن الفرنسيين كانوا قد أسرعوا عقب هزيمتهم إلى نقل هذا الحجر إلى الإسكندرية وأخفوه في منزل الجنرال منو مدة من الزمن بعيدا عن أعين الرقباء، فلم يقف هاتشنسون له على أثر، إلا أنه في سبتمبر سنة ١٨٠١ عادت إنجلترا إلى طلبه على يد الماجور جنرال تيرنر تنفيذاً لشروط المعاهدة المذكورة، ملحة في ضرورة تسليمه، فلم ير الفرنسيون بدا من التنازل عنه والأسف يملأ قلوبهم وأبحر به تيرنر على الباخرة (الأجبسين) ووصل بورتسموث في فبراير سنة ١٨٠٢. وفي ١١ مارس أودع الحجر إحدى غرف جمعية الآثار بلندرة، وبقي فيها بضعة شهور فحص في أثنائها جماعة من علماء المشرق، وعلماء الإغريق ما عليه من النقش، وفي يوليه أمر رئيس الجمعية بصنع أربعة نماذج من الجبس على مثاله لجامعات أكسفورد وكمبردج وأدلبره ودبلن وطبع نسخاً من هذه النقوش وأرسلاها إلى جامعات أوربا ومكتباتها الشهيرة ومجامعها العلمية. وفي أواخر هذه السنة نقل الحجر من غرفة جمعية الآثار إلى المتحف البريطاني حيث نصب وعرض للجمهور لمشاهدته بين بقية التحف الأخرى.