يكون سلبياً صرفاً، ثم استشهادك لذلك بان الوثنية العربية قد أثرت في الإسلام في تحريم التصوير والنحت الخ، والحق أيها الأديب أن تحريم التصوير ليس من موضوعنا في شيء، وليس إلا من باب سد الذرائع وهي القاعدة المعمول بها في الإسلام ولا تزال أصلاً في مذهب مالك؛ ومن أمثلة ذلك في الإسلام تحريم آلات اللهو سداً للذريعة في تعاطي الخمر، وضرب الحجاب على المرأة للذريعة في افتتان الرجل بها، كالعكس إلى غير ذلك، فلماذا أيها الأستاذ لا تجعل تلك من هذه؟ ولا تكون في حاجة لتكلف هذا التأثير السلبي غير المفهوم، اللهم إلا إذا كان كتأثير الشيء بضده في ظهوره ووضوحه عند المقابلة كالبياض مع السواد فيكون هذا من باب: وبضدها تتبين الأشياء
ثم اني أخشى أن يعد ما قلته أيها الأستاذ خطوة في التهرب من الموضوع والتملص منه، ذلك لان اصل البحث الذي نحن فيه انه وجد في الفقه الروماني تشابه مع الفقه الإسلامي فهم منه البعض وجود علاقة بين الفقهين، فادعى كولدزهير ومن قلده تأثر الفقه الإسلامي بالروماني، فقلنا كما قال غيرنا أيضاً: إن الأحرى والأنهض بالدليل أن يكون الروماني هو المتأثر. هذا هو حاصل الموضوع، فلو سلمنا صحة تقسيم التأثير إلى إيجابي وسلبي كما قلت أيها الأستاذ فما السلبي مما نحن فيه في قليل ولا كثير. وإذا كنت ترى تأثر الفقهاء بالفقه الروماني إنما هو تأثير سلبي بهذا المعنى فقد لا يبقى بيننا ما يستوجب النزاع والمناقشة
(٢) وقلت أيها الأستاذ عند قولي: إن الإسلام في ذاته جاء خارقاً لقاعدة البيئة والثقافة، إذ قام به النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو النبي الأمي الذي نشأ ابعد الناس عن أن يطلع على قانون روماني أو حكمة منقولة، وإني بهذا الدين الأقدس مناقضاً كل المناقضة لما عليه قومه. . . الخ. قلت:(إن هذا القول غريب من. . . لأنه لا يصح إلا على تقدير أن هذا الدين من صنيع الرسول نفسه وهو أمي. . . الخ فعمله ناقض لقاعدة البيئة والثقافة، أما على أن الإسلام كما في حقيقته وحي إلهي فلا يستقيم هذا التمثيل مطلقاً في نقض قاعدة البيئة والثقافة الخ).
فلولا حسن ظني بسلامة نيتك أيها الأستاذ لعددت هذا منك مغالطة غير سائغة من مثلك؛ ذلك لأني لم أقل فيما كتبت إن الإسلام بظهوره بهذه الصفة ناقض لقاعدة البيئة والثقافة قط،