لمضربا، وإن في مزايا النيابة لطماعية. وإن الله الذي فطر بعض النفوس على الأثرة والشح جعل من خصائصها الوضاعة إذا تسامى المطلب، والضراعة إذا تجافى المطمع. وقد رأيتهم هذا الرجل المتكبر المترفع الكز كيف طامن من كبره، ورد من جماحه، وبسط من يده، لتعطوه أصواتكم في الانتخاب، حتى إذا انتخب عاد إلى معاملتكم بالسفه، ومحاسبتكم بالدناءة، واستغلالكم بالشره، ومقاطعتكم بالأنفة. إنه هو وأمثاله لا يرون للفلاح قيمة ولا كرامة إلا الانتخاب. وقد كنا أحرياء ألا نعطي أصواتنا إلا من يعيش عيشنا ويشعر شعورنا ويتألم ألمنا؛ فإن منطق الطبع يقول إن خصمك لا يدافع عنك، وسيدك لا يحب حريتك.
فصاح أحد الحضور: ولم لا ترشح نفسك ونحن نضمن لك أصوات القرية؟
فقال الشيخ منصور: إني - وا أسفاه - لا أحرز من النصاب قيراطا، ولا أملك من التأمين بارة! والنصاب والتأمين عقبتان وضعهما قانون الانتخاب في سبيل الكفايات الفقيرة؛ كأن المال شرط في صدق الجهاد للوطن، وإخلاص النيابة عن الأمة! وإن مثلك في ضمان أصوات القرية واستسهال ما بعدها كمثل السائح الذي لقي في بعض طريقه نعل حصان واحدة فالتقطها ثم ضمها إلى صدره وقال: