والمحار يق محلة لابأس بمبانيها. كانت قد اتخذت مقرا للنفي الإداري وكان يرسل إليها المحكوم عليهم من كافة الطبقات حتى علية القوم من المغضوب عليهم وكانوا يتركون أحرارا بعائلاتهم يتجولون إلى حدود معينة ورائها يقف الهجانة لكيلا يتجاوز المجرمون الحدود، والفقير منهم كان يكلف عملا يؤجر عليه خمسة قروش في اليوم، لكن الحكومة رأت في النفي أداة للتشفي والانتقام وبخاصة من العمد الذين كانوا يسعون إلى نفي من يكرهون. هذا إلى المبالغ الطائلة التي تكلفتها الحكومة في الإنفاق على النفي لذلك قررت إلغاءه.
قمنا إلى محطة الشركة: وسميت كذلك لأنها كانت المستودع الرئيسي لشركة سكة حديد الواحات وكانت شركة إنجليزية سعت بمجهود كبير أن تبيع متاعها للحكومة لأنها خسرت خسائر فادحة ولم يسد الخط شيئاً يذكر من نفقاته وتمت الصفقة سنة ١٩٠٩ ودفعت الحكومة ربع مليون جنيه فأيدت بذلك ما يعلمه الأجانب عن سخائنا العميم. وهي لا تزال تخسر فيها كل عام، إذ من إيرادها البالغ أربعة آلاف جنيه يخص خط الواحات ألف جنيه وهذا المبلغ لا يذكر بجانب النفقات. وجل الإيراد وقف على البلح في شهور الصيف.
أخيرا عند الكيلو ١٩٥ دخلنا محطة الواحات الخارجة وقادني الغلام إلى نزل بديع ما كنت أتخيل وجوده في تلك الناحية النائية هو (فيلا) أنيقة تزينها الأشجار الباسقة وتحوطها كثبان الرمل الناعمة. يديرها مصري يدعى (مصطفي عمر) ويقوم على خدمة النزلاء والسائحين خير قيام، ولقد تصفحت سجل الزائرين عنده فكان من بينهم الكثير من الوجهاء، مصريين وأجانب وبينهم بعض الأمراء. على أني أسفت لما علمت أن الرجل لا يكاد يتكسب من وراء عمله هذا شيئاً ولا تكاد تساعده مصلحة السكة الحديد بشيء حتى ولا بزيادة الدعاية لمنطقة الواحات وتخفيض أجور السفر إليها كي يزيد إقبال السائحين عليها كما كانت الحال في عهد الشركة الإنجليزية التي كانت تروج للواحات فكان عدد من يؤمها يفوق المئات سنويا، أما اليوم فلا نكاد نحن المصريين نسمع عن الإقليم شيئاً رغم ما فيه من جاذبية كبيرة.
قمت أتجول في المدينة فبدأت بزيارة آثارها التاريخية فالواحة كانت عامرة أيام قدماء المصريين، وابان حكم الرومان ولعل اجل آثارها: معبد هيبيس الذي بناه دارا الأول في