و (العاملة في المصالح العامة) كأسماء بنت الصديق، يوم الهجرة، حين كانت تحرس منافذ الأخبار إلى قريش، وتحمل الطعام إلى المهاجرين العظيمين وتصبر على عدوان قريش عليها. ولطم الخاسر أبي جهل خديها لتخبره أين رسول الله، فلا تخبره، وحين قدت نطاقها، فربطت بشقة السفرة وانتطقت بالآخر فدعيت من ذاك بذات النطاقين.
وأنتم تعرفون موقفها العظيم، العظيم، يوم قتل ابنها أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير، ذلك الموقف الذي لم يكد يروي التاريخ موقفا مثله لأخرى من بنات حواء.
و (المرأة في الدفاع السلبي) بل الدفاع الحربي، كما صنعت صفية لما كانت في الحصن مع النساء وكان الصبيان والرجال في الجبهة، فرأت يهوديا يطيف بالحصن فخافته على النساء والصبيان أن يؤذيهم أو يدل العدو عليهم، فشدت وسطها ونزلت إليه بالعمود، فضربته حتى قتلته.
كان نسانا يقتلن أبطالا. . فيهود، فصار نساء اليهود، بفضل سلطتنا وأمرائنا. . يقتلن رجالنا!
وكان منهن (الممرضة المواسية) كرفيدة التي جعلت من خيمتها مستشفى سيارا، تداوي فيه الجرحى، وتحبس نفسها على خدمتهم، والترفيه عنهم، ترفيه الحق لا ترفيه الفسوق والفجور. . . ولما أصاب البطل الخالد سعد بن معاذ السهم يوم الخندق قال رسول الله: اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أعوده من قريب.
وكان النساء يخرجن مع الرسول، وشهد خيبر منهن جماعة أعطاهن من الفيء، لا يخرجن للجهاد بأعراضهن وفتنة المجاهدين بجمالهن، بل للعمل في (الوحدات الصحية) والحراسة والتحميس والاشتراك في القتال أن دعت الضرورة إلى القتال.
والقائمات بمثل أعمال (الكمندس) في هذه الحرب. . .
أغار عيينة بن حصن على لقاح رسول الله صلى الله عليه في (الغابة) فاستاقها، وكان فيها رجلا من بني عقار وامرأته فقتلوا الرجل، وسبوا المرأة، فلم تجزع ولم تفزع، ولم تبك ولم تولول، بل قاومتهم مقاومة اللبؤة حتى أفلتت منهم على ناقة من إبل الرسول فوردت بها عليه، فقالت: يا رسول الله، إني نذرت أن أنحرها إن نجاني الله عليها، فتبسم رسول الله