للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وقال: (ليعلم المسلمين): بئس ما جزيتها أن حملك الله عليها، ونجاك بها، إنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا تملكين.

وكان منهن (المرأة الصابرة) على ما يعجز عنه الصبر، ويضيق عن احتماله الصدر. لقد أصبت حمنة بنت جحش يوم أحد بأخيها عبد الله، وخالها حمزة سيد الشهداء، وزوجها مصعب رائد الإسلام، فثبتت كيلا يرى وهنها المشركون، وفي قلبها مثل حز المواسي.

وهذه امرأة من بني دينار، قتل زوجها وأخوها وأبوها في الوقعة، فلما خبت بهم، بلغ بها عظم الإيمان أن سألت: ما حال رسول الله؟ فلما قالوا لها: هو حي، قالت: كل مصيبة بعده هينة.

ومنهن (المرأة المقاتلة) التي تأتي بالبطولات.

هذه أم عمارة - نسيبة المازنية - خرجت لترى ما يصنع الناس، ومعها سقاء ماء لتسقي العطاش من الجند، وكانت الدولة والصولة للمسلمين أول النهار، فلما أنهزم المسلمون، وداخلتهم الدهشة لما كان من هبوط الرماة عن أحد، وكرة فرسان المشركين، كانت هذه المرأة أثبت من الرجال قلبا، وأجر أيدا، فلم تهزم ولم يجرفها التيار، بل أخذت سيفا من ساحة المعركة، وجعلت تدافع مع الرسول، حتى أثخنتها جراحها.

قالت أم سعد رواية الخبر: وكشفت لي (أي أم عمارة) عن عاتقها بعد سنين طويلة، وإذا جرح غائر أجوف، قلت: من أصابك بهذا يا خالة؟ قالت: أبن قمئة أقمأه الله لما ولى الناس، أقبل يقول: دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترضت له.

يا أيها القراء، أرجو أن تقفوا لتتصوروا الموقف: الجيش منهزم، وهذا الفارس يهجم بسلاحه وجبروته كالثور الهائج، والرجال تنتحي عن طريقه، وهذه المرأة العربية المسلمة، تعترض له، وتثب في وجهه تعترض طريقه إلى محمد، فيضربها فلا تزيح بل تضربه بسيفها، فلا ينجيه إلا أنه بدرعين!

قالت: فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته مع ذلك ضربات ولكن عدو الله كان عليه درعان!

وهذه أم سليم تثبت في هوازن في الموقف المهول الذي انصدعت فيه أفئدة عشرة آلاف بطل، فانهزموا إلا رسول الله وصحابته الأدنين، فالتفت فرأى أم سليم، مع زوجها أبي

<<  <  ج:
ص:  >  >>