طلحة، وهي حازمة وسطها ببرد لها، وإنها لحامل! وتمسك جملها وقد أدخلت يدها في حزامه، قال:
- أم سليم؟
- قالت، نعم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله، اقتل هؤلاء الذين يفرون عنك، كما تقتل الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل.
قال: أو يكفي الله يا أم سليم؟
ومعها خنجر، فقال لها أبو طلحة:
- ما هذا الخنجر معك؟
- قالت: خنجر أخذته، إن دنا مني أحد من المشركين بعجته به.
قال أبو طلحة، مفتخرا بها، مداعبا إياها:
- ألا تسمع يا رسول الله، ما تقول أم سليم الرميصاء؟ وهي حامل يا ناس! وهي حامل!!
أما معاملته صلى الله عليه النساء، فكانت أروع مثل يضربه السيد المهذب، والبطل النبيل، والأب الحاني، والصديق الوفي، ولا يتصور الوهم أرق منها معاملة ولا عطف ولا أنبل ولا أشرف، ولا أحب أن ألخص لكم هذا النص التاريخي، فاسمعوه بالحرف، من فم فتاة صغيرة من آل غفار، متطوعة في الجيش، قالت:
أتيت رسول الله في نسوة من بني غفار، فقلنا: يا رسول الله؛ قد أردنا أن نسير معك إلى وجهك هذا (وكان متوجها إلى خيبر) فنداوي الجرحى، ونعين المسلمين بما استطعنا، فقال: على بركة الله.
فخرجنا معه، وكنت جارية حدثة (أي صبية صغيرة) ولم يكن لي ما أركبه، فأردفني رسول الله وراءه على حقيبة رحله وإذا بها دم مني، وكانت أول حيضة حضتها، فتقبضت إلى الناقة واستحييت، فلما رأى الرسول ما بي ورأى الدم قال:
- مالك؟ لعلك نفست؟
- قلت: نعم
- قال: أصلحي من نفسك، ثم خذي إناء من ماء فاطرحي فيه ملحا فاغسلي به ما أصاب الحقيبة، ثم عودي لمركبك.