للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الحربية، وحراس السجون في الداخلية! أما المعارف والصحة والأوقاف والأشغال فشأنها شأن المترفين والمثقفين لا تعرف غير المدينة ولا تعامل غير المتمدن؟

من لنا بمن يقول لهؤلاء المثرين المستكبرين إن ركفلر ورتشلد لم يرفعهما إلا حب الإنسان، وإن الدمرداش والمنشاوي لم يخلدهما إلا بذل الإحسان، وإن لديهم من فضلات الثروة كربح الأموال في المصارف، ومكافأة النيابة في البرلمان، وحثالة الزروع في العزب من التبن والقش والحطب، ما يوفر الغذاء والدواء والعلم لألوف الألوف من بني الوطن؟

بالأمس كانت ذكرى وفاة المرحوم السيد عبد الرحيم الدمرداش، وهو والمنشاوي وبدراوي سمنود من ملائكة الأرض الذين يرفرفون بأجنحتهم النورانية على شقاء الكثير من الناس. فلماذا لا يقام لهؤلاء الخيِّرين البررة وأمثالهم تماثيل في الميادين العامة، ليتشبه بهم الغني، ويترحم عليهم الفقير، وليكون في رفع ذكراهم على هذا النحو إعلاء لمعنى الإحسان، وإطراء لأريحية المحسن، وتفريق بين من دَلَله الوطن فعقَّ، وبين مَن رباه الوطن فبرَّ، فلا تستوي الحسنة ولا السيئة، ولا ينبغي (أن يكون المحسن والمسيء بمنزلةٍ سواء، فإِن في ذلك تزهيداً للمحسن في إحسانه، وتدريباً للمسيء على إساءته)

احمد حسن الزيات

<<  <  ج:
ص:  >  >>