للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجوده أو يعترف بوجوده ثم ينفي دلالته في الماضي ووجهته في المستقبل، فليس للعلم ولا للعلماء هذا السلطان

على أن اختلاف الجنسين في الطاقة والملكة سابق لاختلافهما في نوع الإنسان. فلا مساواة في الحيوانات العليا بين الذكور والإناث، وليست حقوق الإناث مساوية لحقوق الذكور في تلك الحيوانات، إن صح التعبير هنا بكلمة الحقوق. ولم تشاهد قط جماعة من الحيوانات الاجتماعية تقودها أنثى أو تحتل منها محل الزعامة كما تفعل الذكور، ولم تشاهد قط أنثى تستتبع لها طائفة من الذكور، لتختار منها ما تشاء حين تشاء

والعلم لا يستطيع أن ينكر هذا ولا يستطيع أن يجرده من الدلالة، ولا يستطيع بعد هذا وذاك أن يزعم أن الحيوان يحتاج إلى التنوع في وظيفة الجنسين ولا يحتاج إليها الإنسان.

على أن العلم قد أخذ منذ سنوات قليلة في كشف هذه الحقيقة من مكامنها الأولى التي تبين لنا أن الاختلاف في القدرة الإنشائية كان من أبدأ البداءات بين خلايا التذكير وخلايا التأنيث، ونحسب أن العلماء واصلون إلى فصل الخطاب في هذا الباب بعد بضع سنوات، فيبطل يومئذ محال الدعاة الذين يعمون أو يتعلمون عن المحسوس لأنهم يسخرون حقائق الحياة لمذاهبهم العوجاء، بدلاً من تسخيرهم هذه المذاهب لحقائق الحياة

وحسبنا أن نقرر هنا ما أثبته الباحثون في (فزيولوجية الجنس) من تجارب الخلايا في كلا الجنسين. فهذه التجارب تثبت أن عوامل الذكورة إنشائية، وأن عوامل الأنوثة سلبية تابعة أو هي على وجه من الوجوه بمثابة اختفاء عوامل الذكورة. فالجزء الذي تستأصل منه خصيته يضمر ولا تنبعث فيه دواعي النماء، ولا يحدث مثل هذا في أنثاه إذا نزع منها المبيض ولو من أوائل الطفولة، لأن نموها الأنثوي لا يحتاج إلى عامل مضاف من عوامل الإنشاء

ومع هذا لا نحسب أن الأمر يلجئنا إلى الميكرسكوب والخلايا لنعلم أن طبيعة الذكورة تقتضي الإرادة الإيجابية وأن طبيعة الأنوثة تقتضي المطاوعة والمتابعة وما يمتزج بهما من الخلائق والنزعات

فالذكور في جميع الحيوانات هي المجتهدة الطالبة والإناث في جميع الحيوانات هي الملبية المطلوبة، وإن اشترك الجنسان في رغبة التناسل واستبقاء النوع

<<  <  ج:
ص:  >  >>