والمبدأ المقرر لدى فقهاء المسلمين أنه (لا يضرب أحد من أهل الذمة في استيدائهم الجزية، ولا يقامون في الشمس ولا غيرها ولا يجعل عليهم في أبدانهم شئ من المكاره، ولكن ريفق بهم ويحبسون حتى يؤدوا ما عليهم.
والإسلام يشترط للزكاة نصاباً معيناً في كل نصف وجبت فيه، وهو ينظر إلى ناقص الملك نظرة خاصة رحيمة، ويسقط - على الأرجح - الزكاة عن المديان.
وهو ينكر على الفرد أن يأتي بما يملك فيقول هذه صدقة، ثم يقعد يتكفف الناس؛ يمدح القرآن أناساً فيقول: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)
ونبي الإسلام يقدر ما يحيط بالمالك من ظروف لها اعتبارها عند تقدير الزكاة المطلوبة، فهو يقول للعمال الذين ولاهم على خرص الثمار - وهو الحرز والتخمين لتقدير زكاة قبل الإثمار ولأمن من الخيانة من رب المال - يقول لهم:(خففوا الخرص، فإن في المال الوصية (أي ما يوصي به أربابها بعد الوفاة) والعرية (أي ما يعرى للصلات في الحياة) والواطئة (أي ما تأكله السابلة منه، سموا واطئة لوطئهم الأرض) والنائبة (أي ما ينوب الثمار من الجوائح)).
وكذلك في شأن الخراج، تذهب الشريعة إلى أن لا يستقصي في وضعه غاية ما تحتمله الأرض لتجعل لأربابها بقية يجبرون بها النوائب والجوائح.
٤ - ويقترن بذلك العدل حزم (في التنفيذ لا هوادة فيه، ودقة في القواعد لا تدع سبيلاً إلى العبث أو التحايل.
فمن مطل بالخراج، مع يساره، حبس، إلا أن يكون له مال فيباع عليه في خراجه كالديون.
والأرض التي يمكن زرعها يؤخذ عنها الخراج وإن لم تزرع، وإذا عجز رب الأرض عن عمارتها طلب إليه أن يؤجرها أو يرفع يده عنها ليتولاها من يقوم بعمارتها. ونذكر على سبيل الاستطراد أن الشريعة تأبى ترك الأرض على خرابها وإن دفع خراجها
ومن منع الزكاة فلوالي الصدقات أن يقاتله كما قاتل أبو بكر مانعي الزكاة، بل لقد ذهبت طائفة إلى تكفيره
والكتاب والسنة ينصان على فداحة إثم مانع الزكاة، وقد تبرأ منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في سياق حديث: (لا أملك لك من الله شيئاً)، وذلك - كما يقول ابن حجر -