للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

عقد بإفريقيا عام ١٩٤٤. وجمع أساطين الاستعمار ودهاته واستعرض برامج المستقبل، وأشار بتأكيد سياسة الاتحاد بين فرنسا وما تملكه من الأراضي الواسعة في إفريقيا وآسيا وصهرها في كتلة واحدة.

ويهمنا أن نتتبع المسائل العامة التي دارت المناقشات حولها فقد برزت هناك فكرتان: فكرة التعاون، وفكرة الإدماج، ولكل من الفكرتين أنصار وخصوم.

ومعنى التعاون إعطاء الأمم أو الأقاليم شيئاً من الحرية والحكم الذاتي بالتدريج، ثم دعوتها إلى التعاون مع الدولة صاحبة السيادة في نطاق اقتصادي كما هو الحال في بعض المستعمرات البريطانية. ومعنى الإدماج أن تفرض على الشعوب المحكومة أنواع من الإرهاب والترغيب تنتهي إلى إيجاد شعور يقول بأن مصلحة المجموع أن يندمج مع الأمة الحاكمة في جنسية واحدة.

ويقول خصوم التعاون إنه في النهاية يؤدي مع الزمن إلى حياة الدومنيون الاستقلالية، وهذا لا يتفق مع المنطق الفرنسي الذي يميل إلى المركزية ولا يسلم بتوزيع السلطات، وفي النهاية يعرض الكيان الإمبراطوري إلى الانهيار.

ويقول منتقدو الإدماج، إذا سرنا خطوات كبيرة في سبيل ذلك وتلكم خمسون مليوناً لغتنا وأخذوا بثقافتنا ودخلوا مجالسنا النيابية وحصلوا على حقوق المواطنين وضعنا مستقبلنا بين أيدي ناخبين أجانب من شعوب ملونة منحطة، وقد تغمرنا موجات فكرية وثورية لا نقدر على كبحها، أو قد تتحالف هذه العناصر مع عوامل الهدم الفرنسية وتعمل مع أحزاب اليسار لتفرض إرادتها؛ حينئذ يفلت الزمام من الأيدي الفرنسية الرشيدة العاقلة وتعرض حياة الأمة إلى أخطار جسيمة.

خرج مؤتمر برازافيل إلى الأخذ بحل وسط يجمع بين التعاون والإدماج: فسياسة التعليم بنيت على إدماج الشعوب في الثقافة الفرنسية، إذن يجب أن تشتد هذه السياسة التعليمية أن يكون هدفها إضعاف اللغات القومية وخصوصاً اللغة العربية. وفي المستعمرات الإفريقية تقرر منع التبشير باللغات القومية وجعل تدريس قواعد الدين الكاثوليكي باللغة الفرنسية.

ولن أطيل على القارئ سرد بقية القرارات فهي مطبوعة إذ ماذا يهمنا من أمر البلديات وطريقة انتخاب المجالس العامة بالمستعمرات وزيادة سلطة الحكام والتصديق على

<<  <  ج:
ص:  >  >>