للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بأخبار الفتوح الأولى في الشام والعراق ومصر والأندلس، ولا بأخبار الفتوح الآخرة في الغوطة والرميثة وجبل النار وريف المغرب، فاسألوا عنها فارس والروم وإسبانيا وفرنسا وإنكلترا. . .

إنكم تحسبون قضية فلسطين كقضية سرقة في شيكاغو تدخلون بالرشاشات فتنبهون المخزن. . .

كلا، والحي القيوم، لن تكون لليهود دولة في فلسطين ولن يكون للفرنسيين اتحاد مع المغرب، حتى لا يبقى في هذه البلاد كلها حي يمشى. لن يأخذوها حتى يروا ويرى من يعينهم يوماً يذهل له كتاب التاريخ، ويصيبهم من هوله الجنون. يوماً لا ترون فيه تاجراً في دكانه، ولا موظفاً في ديوانه، ولا تلميذاً أو مدرساً في مدرسته، ولا قاضياً في محكمته، ولا امرأة في دارها. وإنما ترونهم يسيرون إليكم جميعاً يقاتلونكم إن عجزوا عن السلاح بأيديهم، وصدورهم، ويستنزلون غضب الله عليكم، فأبيدوهم يومئذ بقنابلكم الذرية، إذا محيت الإنسانية من الأرض، واستبيح قتل الشعوب، وإذن فستنبت الأرض التي تسقيها دماؤهم أمة جديدة تقاتلكم دون أرضها وحماها.

ويلكم إن الله في الوجود، ما استقال ولا أحيل على المعاش؛ وإننا مع الله نستعينه عليكم، والله أكبر منكم، هذا نشيدنا الذي يهون علينا كل خطر، ويصغر كل عدو مهما تكبر: الله أكبر.

لقد علمنا ديننا أن نستوهب الحياة بطلب الموت، وحبب إلينا نبينا الشهادة. نلحقها إذا هربت منا، ونفتش عنها إذا ضلت عنا. فيما ذا تخيفون أمة تريد الموت؟

نحن نريد الموت ونسعى إليه، قد أعددنا الجيش للجهاد. وهيأنا القوى للجلاد، فتقدما يا أيها البطلان القائدان، تقدما فاقتحما النار، وخوضا البحار، فإننا معكما لن نرجع ولن نلقي السلاح ولن ندع الجهاد، حتى لا يبقى في دنيا الإسلام، وأرض العرب، علم لأجنبي، أو حكم لمستعمر، والله معنا. والله أكبر!

علي الطنطاوي

القسم الخامس:

<<  <  ج:
ص:  >  >>