للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وجدنا في اللسان والتاج وغيرهما (المَيْر) بالفتح بهذا المعنى عينه. وقد رأينا أن (السيرة) بمعنى (الميرة) وردت في كلام الأقدمين ودواوين اللغة، فتكون (السَيْر) للمَيْر من هذا القبيل أي لغة فيها. فتكون (السيلو) من (السير) عن طريق اليونانية، فقد حكى اللغوي العظيم بوازاق في معجمه أصول الألفاظ اليونانية، أن الأغارقة يقولون للسيلو (مخزن الطعام في ص ٨٦٦ من تصنيفه البديع (بكسر السين) قابلها (بفتح السين) بمعناها فلم يبق شك في أنهما مثل (سِيرةِِ) و (سَير) بكسر السين في الأول وبفتحها في الثاني والمعنى واحد، ثم نقلها عنهم أهل الغرب جميعاً فقال اللاتيين ونقلها عنهم باللام والإنكليز والفرنسيون والإسبانيون فقالوا سيلو أي (باللام)

ولماذا جعلوا اللام في مكان الراء فلأحد سببين: إما لمقاربة مخرج الراء من اللام فأبدلوا إحداهما بالأخرى، وإما لأنهم سمعوها من بعض العرب من قديم الزمان باللام. فالذين نطقوا بها منذ القديم بالراء جاوروا عرباً يلفظون راءها على أصلها. والذين نطقوا بها باللام كالفرنسيين والإسبانيين والإنكليز جاوروا عرباً يجعلون الراء لاماً. وهذا ما ورد نظائره في كلام السلف الصالح القديم فقالوا: هدر الحمام هديراً وهدل هديلاً، واعرنكس الشَّعر واعلنكس أي تراكم وكثر أصله. والعرجوم والعلجوم، وأربَّ في المكان إرباباً وألب فيه إلباباً: إذا قام به. والشواهد لا تحصى لكثرتها.

الأب أنستاس ماري الكرملي

من أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية

<<  <  ج:
ص:  >  >>