للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فإما أن يحسن إليهم أو يقتصر على الأعراض عنهم

والقاضي الفاضل كاتب معروف وأديب له طابع خاص، وأسلوبه لا يكاد يجهله مطلع على الآداب العربية، فهو كما يقال عنه - رب العلم والبيان، واللسن واللسان، والقريحة الوقادة، والبصيرة النقادة، والفضل الذي ما سمع به الأوائل لمن عاش في زمانه، وما تعلق أحد بغباره أو جرى في مضماره وهو كذلك شاعر جيد الشعر كما سيجيء

شعره

شعر القاضي الفاضل صورة من نفسه، يدل على رقة حسه؛ أكثره في الغزل، لأنه أسلس ضروب الشعر قيادة للمحسنات اللفظية التي أغرم بها القاضي الفاضل غراماً شديداً، وكلف بها كلفاً ظاهراً، في غير تصنع واضح، أو تطرف يخرج بها عن المعنى الذي يقصده. وقد اكتسب القاضي الفاضل من البهاء زهير وابن سناء الملك وابن قلاقس وغيرهم من الشعراء الذين عاشوا معه في مصر، رقتهم وموسيقاهم الشعرية العذبة، كما اكتسب مما كان يأتيه من أشعار الأندلسيين الذين كانوا في إبان نهضتهم الأدبية، الأخيلة الرائعة والطرائق المستحدثة، وإن كان قد حافظ على نظام سابقيه، فظل ينظم فيما تعود سماعه وما كثر النظم فيه فلم ينظر إلى الطبيعة الساحرة نظرة الأندلسيين إليها، ولم يجب الآفاق البعيدة التي جابوا فيها؛ وربما كان ذلك نتيجة لنشأته الدينية واحتراماً لجلال المركز الذي وصل إليه

الفخر

القصيدة الأولى في ديوانه يعرفها بعض الأدباء، وهي في الفخر، وفيها يصف بلاغته متلاعباً فيها بالمعاني وهي خير مثال على شعره ومنها:

قضى نحبه الصوم بعد المطال ... وأُطلق من قيد فتر الهلال

وروَّض كاتب جنبي اليمين ... وأتعب كاتب جنبي الشمال

فدع ضيقة مثل شد الإسار ... إلى فرجة مثل حل العقال

وقم هاتها مثل ذوب النضار ... وموج البحار وطعم الزلال

جزى الله عني عروس الدوالي ... ولا أخطأتها كؤوس الغزالي

بما أطعمت من لذيذ الثمار ... وما ألبست من نسيج الطلالِ

<<  <  ج:
ص:  >  >>