ومن هنا نستطيع أن نعرف: متى يسترضينا الإنجليز، ومتى يسترضون الصهيونيين؟!
فلننظر إلام تؤدي اقترحات (بيفن) الأخيرة؟
ستفتح أبواب الهجرة الصهيونية بعد إغلاقها، وستؤلف لجنة تحقيق - لم تؤلف بعد - لتنظر في قضية فلسطين وقضية اليهود عامة. وما دامت هذه اللجنة لم تنته من تحقيقاتها الواسعة المدى فسيظل سيل الهجرة يتدفق على فلسطين!
أهي سنةٍ؟ أم سنتان؟ أم خمس سنوات؟ أم هي التعلة الدائمة لاستمرار الهجرة إلى غير ميعاد؟ فإن ضجر العرب يومذاك أو تبرموا كانوا قوماً عجلين، لا يريدون أن تعمل اللجنة في جو هادئ، ولا يمكنون للحقائق في الظهور!
ثم يوجد من العرب من يرى في مثل هذه الاقتراحات أساساً صالحاً لقضية فلسطين.
إلا إنها المحنة التي يجب أن تتفتح عليها الأبصار!
للإنجليز أن يهللوا لاقتراحات (بيفن) الأخيرة. فهي انتصار للسياسة الإنجليزية التقليدية. . . انتصار لها من شيء الوجوه:
١ - الانتصار الأول جر أمريكا لاحتمال التبعات في فلسطين دون أن يكون لها شيء من المغانم! وتصوير هذا بأنه استماع لصوت أمريكا في حل القضية المعقدة التي استطاع الصهيونيون الأثرياء أن يحركوا لها (ترومان) وسواه. فإذا انتهوا إلى حل فلن تستطيع أمريكا رفضه وهي الشريكة فيه!
٢ - والانتصار الثاني تثبيت صفة الانتداب الإنجليز على فلسطين باسم جديد (الوصاية) باعتراف من الولايات المتحدة في هذه المرة. فلقد كان الانتداب من (عصبة الأمم) التي اعتزلتها الولايات المتحدة وكان المرجو هو استقلال فلسطين!
٣ - والانتصار الثالث هو (التأجيل) طابع السياسة الإنجليزي الأصيل. فالتأجيل وترك العقدة للزمن يحلها الحل المناسب هو الطابع الدائم للسياسة الإنجليزية، وبخاصة مع الأمم الصغيرة الثائرة لحقوقها المهضومة، - والزمن دائماً في صف الأقوياء لا الضعفاء - وهذه الاقتراحات الأخير تضمن للسياسة التقليدية أقصى مدى، لأنها في أيدي لجنة تحقيق لا يجوز أن يستعجلها أحد عن استجلاء الحقائق! وإلا كان متعنتاً لا يريد للحقائق الظهور!