استشهد الأديب بهذه العبارة للأستاذ الكبير (الزيات بك) (همه من الحياة شرب العرق، ولعب الورق، واستباحة الجمال).
إنا لا نزعم أن الرصافي لم يحتس الخمرة قط ولا ذاق طعمها، بل يعود نظم هذه القصيدة في وقت كان أبعد ما يكون فيه عن الخمر أما عبارة الأستاذ الزيات فكانت صريحة لا غبار عليها - وهذا ما نتفق به مع الأديب الناصري - إذ قدم العراق بين فترة سنة ١٩٣٠م إلى سنة ١٩٣٣ والرصافيبحد ذاته لا ينكر ذلك بل ينطق بصراحته التي تعهدناها فيه. وإليك قصيدته التي نظمها بعد تلك القصيدة أي (العادات قاهرات).
(شكواي من الدهر)
إذا ما عقدنا مجلس الأنس بالطلا ... فبيني وبين السكر خمس دقائق
أقوم إلى كبرى الزجاجات مدهقاً ... بمستقطر من خالص التمر رائق
فأقرع بالكأس الروية جبهتي ... بشرب كما عب القطا التمر رائق
فأقرع بالكأس الروية جبهتي بشرب كما عب القطا متلاحق
أسابق ندماني إلى السكر طائراً ... يجنح الأنس المضاعف خافق
فنادمت أصحابي على غير وحشة ... وقلت لهم ما قلت غير منافق
وأغنيتهم عن نقلهم في شرابهم ... بمز طرى من نقول الحقائق
ولم يبد في السكر عند اشتداده ... سوى شكر خلى أو سوى حمد خالقي
تعودت سبقاً في الفخار فلم أرد ... من السكر أن أحضى به غبر سابق
هذه هي صراحة الرصافي في شرب الخمر، ولو كان شاربها في ذلك الوقت الذي نظم فيه قصيدته (العادات قاهرات) لاعترف بذلك كما هو معترف بهذه القصيدة.
أما وصف الأستاذ الزيات بك الرصافي وهي العبارات المتعلقة في الفقرة الثانية فقد جاءت نتيجة قدومه إلى بغداد بين سنة ١٩٣٠م إلى سنة ١٩٣٣م فألفاه على ما هو عليه ووصفه بما رآه في تلك الفترة. فهل يجوز أن تكون عبارة الزيات برهاناً قاطعاً على جميع الادوار والفترات التي مر بها الرصافي؟ بينما القصيدة كانت من إنتاجه أيام شبابه حيث لم يتحرر من التقاليد الدينية آنذاك، والتي تلقاها على يد أساتذته أمثال الالوسي وعباس القصاب.
الفقرة الثالثة: ذكر الأستاذ الناصري (ولست أدرى ماذا كان الرصافي يقول لو شاهد ألان