للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وبروننج وأرنولد وروزتي وتينسون، ولهذا الأخير مقطوعة رائعة تغنى فيها بمجد ملتن بدأها بقوله: (يا ذا المقول القدير، يا مبدع النغمات والألحان، إيه يا من وهب المهارة ليغني للزمن أو الخلود، يا من هو لإنجلترا صوت أرغنها جاءها هبة من الله. . . ملتن هذا الاسم الذي سوف يرن في مسامع الأجيال)

وليس بين ما تغنى به مللتن من مقطوعات وبين ما أوحت به مقطوعاته إلى هؤلاء الأفذاذ الذين افتتنوا به شيء يذكر من هذا الضرب من الغناء، وهذه هي القيمة التاريخية لمقطوعاته وخطرها في أدب قومه

لم يترك ملتن إلا أربعا وعشرين مقطوعة، منها خمس من نظمها بالإيطالية، ويرجح نقده الأدب إنه نظم هذه الخمس أثناء مقامه بإيطاليا، وهي من أغاني الحب، وجهها الشاعر الشاب إلى غادة إيطالية من بولونا سحرته بسمرة محياها وبمقلتيها الدعجاوين اللتين افتتن بهما لأنه كان بهذا الدعج مولع كما قال، وبصوتها الحلو وغنائها المطرب الذي هو كفيل أن يسحر القمر السابح؛ وقد تغنى الشاعر بجمال فاتنته وشكا من قسوة قلبها عليه كما يشكو الشباب في أول عهدهم بالحب!

أما عن الطريقة التي حري عليها في نظم هذه المقطوعات الخمس، فإن اثنتين منها جاءتا وفي الطريقة الإيطالية، وجاءت الثلاثة الباقية مزيجا من الإيطالية والإنجليزية على صورة اتبعها ملتن ذلك الذي كان كثيرا ما يحب أن يتخلص من الأوضاع المتعبة والقيود

والذي يعنينا في الواقع هو مقطوعاته الإنجليزية، ونحب قبل أن نتحدث عن مادتها وعن قيمتها أفنية أن نشير إلى ما اتبعه الشاعر في نظمها، لأنه لم يجر فيها جميعا على طريقة واحدة، إذ إنه لم يتقيد بالطريقة الإيطالية فيها جميعا ولا بالطريقة الإنجليزية أو الشكسبيرية، وإن كان فيها محافظا أكثر منه مجددا

ويمكن القول بوجه الإجمال إنها جميعا أقرب إلى الطريقة الإيطالية إلا الحادية عشرة منها، وهي جميعا إيطالية الصدر أو الفاتحة، وهي كذلك جميعا إيطالية الخاتمة ما عدا الحادية عشرة، فهي في خاتمتها مزيج من الإيطالية والشكسبيرية؛ بيد أن ملتن لم يتقيد في بعضها بإحداث تغير في القوافي بين الفاتحة والخاتمة بل تركها تنساب كما هي بعد السطر الثامن. ونستطيع أن نقسم مقطوعات التسع عشرة على النحو الآتي: تسع إيطالية من جميع

<<  <  ج:
ص:  >  >>