للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الوجوه، وثمان إيطالية ولكن بغير فاصل بين الفاتحة والخاتمة، وواحدة هي الحادية عشرة بين الإيطالية والإنجليزية، وهي التي وجهها إلى كرمول، وواحدة هي التاسعة عشرة أو الأخيرة ذات ذيل بعد خاتمتها. ولم نشر من قبل إلى هذا النوع الأخير، فنقول الآن: إن هذا النوع المذيل ليس من ابتكار ملتن، ولكن وقع مثله في مقطوعات الإيطاليين، وإن كان مما ندر، فإن بعض الشعراء كانوا يضيفون سطرين أو خمسة إلى الأربعة عشر سطراً التي تتكون منها المقطوعة إذا لم يستطيعوا أن يعبروا عن المعنى كله في هذا العدد من الأسطر، وكان يعد هذا الضرب معيباً ضعيفاً ولذلك قلما لجأ أليه الشعراء. ولم يخيل من هذا الضعف كلتن نفسه في ذلك الذيل الذي أضافه إلى مقطوعته الأخيرة: (إلى مستكرهي الضمائر الجدد في عهد البرلمان الطويل)، ففي هذا الذيل ما ينبو عن الذوق من خشونة وعامية وتلاعب باللفاظ.

أما عن مادة هذه المقطوعات، فيجدر بنا أن نذكر ما سلف به القول من أنها قيلت في مناسبات، ولذلك جمعت بين الخواطر السياسية والدينة والوطنية وما يتصل بالرثاء والحب والمسائل الشخصية. وكانت المقطوعات قبل ملتن تدور على الحب، وندر فيها ما خرج عن هذا المجال سواء عند الإيطاليين وعند الأليزابيثيين ولذلك مال بعض نقدة الأدب إلى استصغار شأن المقطوعات على العموم ونظرهم إليها نظرتهم إلى التافه من الأشياء، فهي عندهم من مظاهر العبث واللعب وملء الفراغ بما لا يجدي، وليس فيها صدق ولا علم ولا فائدة من أي نوع. ولعل لهؤلاء بعض العذر فيما ذهبوا إليه، فإن شعراء الشباب كثيراً ما كانوا ينظمون خواطرهم في مقطوعات وليسوا جميعاً مجيدين فشاع فيها الضعف والفسولة، ولكن قدراً منها كان محكم السبك رائع المعنى صادق العاطفة جليل الشاعرية كما يتبين في أكثر مقطوعات سبنسر وفي مقطوعات شكسبير جميعاً على كثرتها. إذ قد بلغت مائة وخمسين مقطوعة، وما جعل بعض النقاد يحتقر شأن المقطوعة كضرب من ضروب الشعر إلا سامهم من نغمات الحب الشاكية الباكية في معظمها، وظنهم أنها ما نظمت إلا على على سبيل اللهو وإبراز المقدرة على النظم، فإن كان في بعضها شيء من الصدق، ففيها كذلك كثير من المبالغة والكذب!

وجاء ملتن فخرج بالمقطوعة عن مجال الحب وجعلها لكل ما يخطر على قلبه، فاكتسبت

<<  <  ج:
ص:  >  >>