أمامه أرض قاحلة ذات أخاديد ووهاد مما يساعد على حمايتها وسد وادي النيل عندها في وجوه غزاتها، كما ساعد على ذلك قوة حكامها، وبسالة رجالها الذين يؤلفون جيشها، وتلك طبيعة رجال الجنوب الأقصى حتى الآن بحكم ذلك الموقع الجغرافي. . .
وقد استطاع أميرها أن يوحد مصر، ويخضع سائر أمرائها لسلطانه، وذلك بدء الأسرة الحادية عشرة (الدولة الوسطى) ولعقبتها الأسرة الثانية عشرة التي يعد عصرها أزهر عصر في الدولة الوسطى، وأول ملوكها أمنمحعت الأول (سحتب آب رع) الذي شق طريقه إلى عرش مصر واستوى عليه فرعوناً جباراً برغم كل الاضطرابات التي كانت تسود مصر، واستطاع ضم مصر في وحدة قوية ضماً تاماً بأن استمال بعض الأمراء بتوسيع إقطاعاتهم وتأديب العصاة منهم، وأهتم بمصالح الفلاحين، ووضع الحجارة لتكون حدوداً بين الأراضي، وبين لكل منهم أرضه، وأمده بالمياه التي تكفيها، وجيش جيوش ورمى بها من كانوا يهددون حدود مصر ولا سيما في الجنوب لإخضاع بلاد النوية (كما ورد في القصة عن خليفته) وملأ جو مصر رغداً وأمناً، حتى قال بحق: لا جائع ولا ظمآن تحت حكمي.)
ومما يدل على حصافة الرجل وبعد نظره أنه ربى ولي عهده أسرتسن أفضل تربية، وأسند إليه قيادة كثير من حملاته التي وجهها لدفع الغزاة عن مصر أو لتوسيع أملاكها، وقبل أن يقضي نحبه بعشر سنوات شعر بضعف الشيخوخة فأعتزل الملك وأقام أسرتسن خلفاً له، وظل إلى جانبه يرعاه ويسدد خطاه في السياسة والإدارة والحرب، ويشرف على أعماله أثناء غيابه عن العاصمة في غزواته، إذ أنه كان يقود جيوشه بنفسه.
وحوادث هذه القصة تبدأ في هذه الفترة أثناء عودة أسرتسن من إحدى حملاته في غرب (ليبيا) قافلاً إلى عاصمته طيبة في الجنوب، ففي طريقه جاءه رسول من القصر ينعى إليه أباه، وكان من رجال حملته الأمير سينوحيت الذي أورد الكاتب القصة على لسانه - واقفاً بجانبه والرسول ينبئه بالنعى، ففر بحياته المهددة مجتازاً وادياً شرقي إدهى (الدلتا) ثم الصحراء الشرقية ثم شمال سينا حتى بلغ فلسطين التي كان يسكنها العامو، وبهذا الاسم ورد ذكرهم في القصة.
ويذهب بعض المؤرخين إلى أن سينوحيت الذي أجرى الأديب القصة على لسانه كان ابناً