ويستهل المؤلف كتابه بالحديث عما يسميه (النظام القائم) كان يسمي وقت انتشاره وذيوعه، علم النفس الحديث، تمييزا له عن سيكولوجيا العصور الوسطى وسيكولوجيا ديكارت وهوبز وليبنتس وغيرهم. وهذا (النظام القائم) ارتباطي في أساسه. والارتباطين في علم النفس هم الذين حاولوا في القرن الثامن عشر، ومستهل القرن التاسع عشر أن يردوا جميع العمليات العقلية على عملية الارتباط التداعي وحدها، بدلا من ردها إلى أساس عام من الحركة كما فعل هوبز مثلا، حينما فسر هذه العمليات تفسيرا (جعلها في صف واحد مع العمليات الفيزيقية. . . فالحركة الخارجية تقع على أعضاء الحس فتتصل بالأعصاب والمخ والقلب؛ والحركة الداخلية - عندما تبدأ - تستمر بحكم القصور الذاتي هيئة ذكريات وأفكار)
ويعرض المؤلف لما كان لعلمي الكيمياء، والفيزيولوجيا من تأثير كبير على مناهج علم النفس في القرن التاسع عشر، بعد أن عرض علينا ما كان لعلم الطبيعة من اثر واضح عليها فالكيمياء أوحت بفكرة (كيمياء العقل) التي تحلل مركبات العقل، كما تحلل الكيمياء المادة إلى عناصرها الأولية ويعد إرهاصا لما سمي بالتحليل النفسي فيما بعد. أما الفيزيولوجيا فقد أوحت بفكرة (التجريب) في علم النفس، فكان ميلاد أول معمل لعلم النفس التجريبي، أنشأه فنت في ليبتسك سنة ١٨٧٩ وكانت ثورة السيكولوجيا التجريبية على النفس السابق عليها من حيث منهجه ومستواه العلمي أكثر منها على نظيرته. فبينما قنع عالم النفس السابق بإن يستعين على البرهنة بالذاكرة وخبرته الشخصية العامة مع ما فيها