الطويل، والمال الوفير، طيبة نفوسهم بما بذلوا وما نالوا
يقال إن للثورة آثارها، وللمحنة أعذارها، وما كان إلغاء الخلافة ضرورة اقتضاها الإصلاح، ولكن إفراطاً أدت إليه الثورة. ونحن نقول مهما يكن السبب فذلك شر أصاب المسلمين لا محالة، وإن عجز عن إدراكه الثائرون في غبار الثورة، فقد أدركه البعيدون يقيناً، وبكوا من أجله طويلاً. على أن عمل الكماليين من بعد دل على أن إلغاء الخلافة لم يكن نزوة ثورة، بل كان الحلقة الأولى في سلسلة مصنوعة، والخطوة الأولى في خطة موضوعة. ويعتذر بعض المعتذرين بأنه كان لابد للنهضة الأخيرة من جمهورية، وكان لابد للجمهورية من إلغاء الخلافة، وهذا عذر أشبه بالذنب. ويعتذر آخرون بأن الصلة بين الروس والترك وحاجة هؤلاء إلى معونة أولئك اضطرتهم إلى إلغاء الخلافة، فهل يرضى الكماليون أن يعد عملهم في الخلافة وما بعدها خطة أملاها الروس عليهم؟ ما أحسبهم يرضون من أصدقائهم أن يقفوهم هذا الموقف ليدافعوا عنهم: وهذا بعد لا يخفف المصيبة التي أصابت المسلمين بإلغاء الخلافة