حتى لا تعود مصر إلى حوزة صاحبها الشرعي، فيضيع على إنجلترا كل آمالها، ولكنها تلقي ذلك على عاتق فرنسا فتزداد نياتها خفاء وتزداد في نفس الوقت قرباً من غايتها. . .
وكان غمبتا يشير كما بينا بالالتجاء إلى القوة أبداً ضد الوطنيين في مصر، ومن هنا جاءت المذكرة المشتركة؛ وكان من اقتراحاته أن تقوم الدولتان معاً بالتدخل العسكري في مصر؛ ولكن جرانفل لم يشايعه في هذا الاقتراح مبيناً له ما ينطوي عليه تنفيذه من أخطار، ولقد جاء كلام جرانفل هذا إلى غمبتا في رسالة وصلته قبل سقوط وزارته بيوم واحد. وجاء في خاتمة هذه الرسالة قوله:(إن حكومة جلالة الملكة توافق على أن للدولتين مركزاً خاصاً في مصر وذلك بناء على الظروف القائمة والاتفاقات الدولية؛ وإنها كذلك تعتقد أنه قد تنجم بعض المتاعب من دعوة عدة دول في مسألة حكومية ولكن حكومة جلالة الملكة تكل إلى الحكومة الفرنسية أن تنظر ما إذا لم يكن الأمر في حاجة إلى الاتصال بالدول الأخرى كخير وسيلة لتناول حالة من الحالات يظهر أنها ذات مساس بالفرمانات السلطانية وعلاقات مصر الدولية). . .
ولم يكن جرانفل بالضرورة متعففاً عن التدخل العسكري في مصر، وإنما كان يود التخلص من مشاركة فرنسا لإنجلترا في هذا، وقد كانت السياسة الإنجليزية تدور منذ حملة بونابرت على مقاومة نفوذ فرنسا في وادي النيل. ثم الاستيلاء عليها متى أمكن ذلك دون مراعاة شيء في سبيل الوصول إلى هذا الغرض
واستفهم المسيو فرسنيه الحكومة الإنجليزية ماذا أرادته لذلك الاحتياط الذي أبلغته المسيو غمبتا بعد موافقتها على المذكرة المشتركة، فكان الجواب أن الحكومة البريطانية تحتفظ لنفسها بتعيين نوع العمل إذا لم يكن من العمل بد وفي تقرير وجوب العمل أو عدم وجوبه على وجه العموم
ثم أراد جرنفل أن يخفف من وقع هذا الكلام في نفس فرسنيه فذكر أنه ليس في مصر ما يدعو إلى القلق فإن الوزارة الجديدة تجهز برغبتها في المحافظة على تعهدات مصر الدولية؛ وإذا وقع ما يقتضي التدخل فإن الحكومة الإنجليزية تجعل أساس ذلك تضامن أوربا مع وجوب اشتراك السلطان في كل خطوة وفي مفاوضة يؤدي إليها هذا التدخل
وفي تلك الأثناء كان كلفن ومالت يحكمان دسائسهما في البلاد ويباعدان بين الخديو