للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ووزرائه، لا يتوانيان عن خلق (الضرورة) التي تقضي بالعمل

وكانت الحكومة الإنجليزية التي تقف من فرنسا ذلك الموقف الذي أشرنا إليه تفكر في ذلك الوقت في إعداد حملة على مصر، ففي الخامس عشر من شهر مارس أي بعد استلام البارودي أزمة الحكم بأربعين يوماً زار مستر بلنت السير جارنيت ولسلي الذي سوف يكون قائد الحملة على مصر عما قريب، فدار بينهما الكلام على هذا المشروع. يقول مستر بلنت: (فبعد أن تكلمنا عن قبرص انتقلنا إلى موضوع مصر وإمكان مقاومة الوطنيين في حالة التدخل، وسألني رأيي في ذلك فقلت له: إنهم بالطبع سيقاتلون والقتال لن يقتصر على الجنود لأن الأمة ستنضم إليهم وربما استعملوا طرقاً أخرى بعد ذلك. وقد أبى أن يصدقني في قولي بأن الجنود ستقاتل، ولكني ثبت على رأيي وقلت له: إنه إذا كلف بأن يذهب لغزو مصر فعليه أن يأخذ معه على أقل تقدير ستين ألف جندي. وقد بالغت بلا شك في هذا التقدير لأني كنت أرمي إلى جعل هذه المهمة شاقة في نظرهم حتى لا تقدم عليها الحكومة إلا بعد تردد ومراجعة. وقد تطوع بإخباري بأنه قد استشير مرتين أو ثلاثاً مدة الشتاء بصدد الغارة على مصر والاحتلال. وقد أكد لي أن ليس هنا من يريد التدخل وأن احتلال مصر سيكون مكروهاً عند الجنود، وأنه هو نفسه يكون آسفاً جداً إذا اضطر إلى الذهاب إلى مصر. ومن رأيه أنه يجب على المصريين أن يسرحوا جيشهم ويثقوا بحماية أوربا. ولكني أخبرته بأنه ليس من المستطاع لي أن أنصح لهم بذلك وأن الأمة التي تنوي القتال بنية صادقة قل أن يهاجمها عدو. فقال لي: إنه ليس هناك شيء يدعى الشرف في الحروب، وإذا كانت المسألة مسألة حرب فلا يجب عليهم أن يثقوا بنا ولا بأي دولة أخرى

ثم أخذ في الكلام عن الطرق الحربية المؤدية إلى القاهرة فذكر بونابرت وطريقه على الشط الأيسر بين فرع النيل وطريق الصحراء بين قناة السويس والدلتا حتى شعر بأنه إذا ذهبت الجيوش فستتخذ هذه الطريق، ولكني احترست من أن أعطيه أي معلومات تفيده أقل فائدة، واكتفيت بالضحك عندما سألني عما إذا كنت أرافقه لأدله على الطريق عندما ترسل الحملة

وبينما كانت الدسائس تدبر لمصر في الداخل والخارج على هذا النحو لم يكن للوزارة المصرية من وسائل الدعاية شيء ما، فكان أعداؤها يتقولون عليها ما شاءوا وما شاءت لهم

<<  <  ج:
ص:  >  >>