الكتب المصرية مكتوبة سنة ١١٩٧ م من كتاب له أسمه تاريخ الحكماء وإليك نص روايته:
(وعاش (يحيى النحوي) إلى أن فتح عمرو بن العاص مصر والإسكندرية، ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلم واعتقاده وما جرى له مع النصارى فأكرمه عمرو ورأى له موضعاً وسمع كلامه في أبطال التتليث فأعجبه، وسمع كلامه أيضاً في انقضاء الدهر ففتن به وشاهد من حججه المنطقية وسمع من ألفاظه الفلسفية التي لم يكن العرب بها أنسة ما هاله. وكان عمرو عاقلاً حسن الاستماع صحيح الفكر فلازمه وكاد لا يفارقه، ثم قال له يحيى يوما (إنك قد أحطت بحواصل الإسكندرية وختمت على كل الأجناس الموصوفة الموجودة بها، فأما مالك به انتفاع فلا أعارضك فيه، وأما ما لا ينفع لكم منه فنحن أولى به، فأمر بالإفراج عنه) فقال عمرو: (وما الذي تحتاج إليه؟) قال: كتب الحكمة في الخزائن الملوكية، وقد أوقعت الحوطة عليها، ونحن محتاجون إليها، ولا نفع لكم بها. فقال له:(ومن جميع هذه الكتب وما قصتها؟) فقال له يحي: (إن بطلوماوس فيلاذلفوس من ملوك الإسكندرية لما ملك حبب إليه العلم والعلماء وفحص عن كتب العلم وأمر بجمعها وأفرد لها خزائن فجمعت وولي أمرها رجلا يدعى بابن مرة (زميرة) وتقدم إليه بالاجتهاد في جمعها وتحصيلها والمبالغة في أثمانها وترغيب تجارها ففعل واجتمع له من ذلك في مدة خمسون ألف كتاب ومائة وعشرون كتاباً
(ولما علم الملك باجتماعهما وتحقق عدتها قال لزميرة، أترى بقي في الأرض من كتب العلم ما لم يكن عندنا؟ فقال له زميرة (قد بقي في الدنيا شيء في السند والهند وفارس وجرجان، والأرمان وبابل والموصل وعند الروم. فعجب الملك من ذلك وقال له: دم على التحصيل. فلم يزل على ذلك إلى أن مات، وهذه الكتب لم تزل محروسة محفوظة يراعيها كل من يلبي الأمر من الملوك وأتباعهم إلى وقتنا هذا). فاستكثر عمرو ما ذكره يحيى وعجب منه وقال له (لا يمكنني أن آمر بأمر إلا بعد استئذان أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب). وكتب إلى عمر وعرفه بقول يحيى الذي ذكر واستأذنه ما الذي يصنعه فيها فورد عليه كتاب عمر يقول فيه (وأما الكتب التي ذكرتها فأن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله تعالى فلا حاجة إليها فتقدم بإعدامها) فشرع عمرو