ترك تنسين فؤاداً وَعتْ ... أسراره أغصانك الراحمات
باركها الله، لكم ناغمت ... وهدهدت أشواقه الصارخات!
زيتونتي، بالله إما هفت ... نحوك بعدي النسمة الهائمة
فأذَّكري كم نفحتنا مهاً ... عطورها الغامرة الفاغمة
وحين يستهويك طيرُ الربى ... بنغمة ترعش منك الغصون
فأذَّكري، كم طائر شاعر ... ألهمه شدوي شجيَّ اللحون!
تذكريني كلما شعشعت ... أوراقك الخضراَء شمس الأصيل
فكم أصيل فيه شيعتها ... بمهجة حرَّى، وطرف كليل
إن يزوِها المغربُ عن عرشها ... فالمشرق الزاهي بها يرجع
لكنني، آهاً، غداً تنزوي ... شمس حياتي ثم لا تطلع!
ويحي، أتطويني الليالي غداً ... وتحتويني داجيات القبور؟
فأين تمضي حفقاتُ الهوى ... وأين تمضي خلجات الشعور؟!
ونور قلبي، والرؤى، والمنى ... وهذه النار بأعماقيه. . .
هل تتلاشى بدداً كلها ... كأنها ما ألهبت ذاتيه!. . .
أما لهذا القلب من رجعة ... للوجد، للشعر، لوحي الخيال؟
أيخمد المشبوب من ناره ... واشقوة القلب بهذا المآل!.
يا رب إما حان حين الردى ... وانعتقت روحي من هيكلي
وأعنقت نحوك مشتاقة ... تهفو إلى ينبوعها الأول. . .
وبات هذا الجسم رهن الثرى ... لقيَ على أيدي البلى الجائره
فلتبعث القدرة من تربتي ... زيتونة ملهمة. . . شاعره. . .
جذورها تمتص من هيكلي ... ولم يزل بعد طرياً رطيب
تعبُّ من قلبي أنواره ... ومنه تستلهم سرَّ اللهيب!
حتى إذا يا خالقي أفعمت ... عناصري أعصابها والجذور
انتفضت تهتز أوراقها ... من وقدة الحسَّ ووهج الشعور
وأفرعت غيناَء فينانةً ... مما تروَّت من رحيق الحياه